اخر المقالات
وهل كان عليٌ يصلي؟
حين وصل خبر استشهاد الإمام علي "ع" في مسجد الكوفة إلى مسامع أهل الشام أحدث صدمة لديهم فسألوا: وهل كان عليّ يصلي؟!
قاد معاوية بن أبي سفيان ضد الإمام عليّ حملة تشويه كانت من أشرس حملات التشويه في التاريخ الإسلامي، عملت على تحريف صورته أمام العامة، خصوصا في بلاد الشام التي كانت تحت حكم بني أمية، فتم تصويره كخصم للدين ومثير للفتن.
الدعاية لتسقيط خير البشر وأفضل الخلق بعد النبي صلى الله عليه وآله دعاية مدروسة بعناية، فاستغل معاوية وسائل متعددة لهذه الحملة، منها خطب الجمعة التي كان يُلعن فيها الإمام علي (ع) من على المنبر. يذكر أبو الفرج الأصفهاني في كتابه الأغاني أن المغيرة بن شعبة، عندما تولى الكوفة من قِبل معاوية، كان يلعن عليا كل يوم جمعة على المنبر، وكان ذلك جزءا من السياسة العامة للدولة الأموية. ولم يتوقف سبّ الإمام علي حتى عهد الخليفة عمر بن عبد العزيز، الذي عندما تولى الحكم أوقف سبّه على المنابر، وقال: "كفانا الله ذلك". وهذا ما ذكره ابن الأثير في الكامل في التاريخ، الجزء 4، صفحة 97.
كما لفق معاوية الروايات التي تقلل من شأن الإمام سلام الله عليه، فاستخدم أموال الدولة لشراء ذمم بعض الرواة والمؤرخين لنشر الأكاذيب التي تخدم السلطة. ففي شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد (ج11، ص44)، يقول: "كتب معاوية إلى عماله: أن الحديث في عثمان قد كثر وفشا، فإذا جاءكم كتابي هذا فادعوا الناس إلى الرواية في مناقب الصحابة والخلفاء الأولين، ولا تتركوا خبرا يرويه أحد من المسلمين في أبي تراب إلا وأتوني بمناقض له في الصحابة."
وبهذه الطرق، وبطرق أخرى، قاد معاوية حملات التسقيط ضد الإمام علي عليه السلام، فلم يكن من الغريب أن يتفاجأ أهل الشام حين سمعوا أن عليا استشهد وهو ساجد في محرابه، لأنهم لم يعرفوا عنه إلا ما رُوِّج لهم من الأكاذيب.
ولا يزال هذا الإعلام الأموي قائما إلى يومنا هذا، مستمرا في تشويه صورة أتباع الإمام علي، عبر التشويه والطمس والتضليل. وقد حاول علماؤنا قدّس الله أسرار الماضين منهم وحفظ الباقين مواجهة هذا الإعلام الضال، فعملوا على تمييز أتباع الحق من المؤمنين، وبيان أن مبادئهم هي مبادئ مدرسة أهل البيت عليهم السلام، بوسائل عديدة، منها تأليف الكتب، وإقامة المؤسسات، واستغلال كل ما يمكن استغلاله.