أبو طالب اديب الإسلام الأول
الشيخ محمد آل حيدر
أبو طالب عبد مناف بن عبد المطلب (540 م - 619 م) شيخ البطحاء وأكرم قريش وشاعرها الأكبر وأديبها ألأعظم وزعيمها وإبن زعيمها وحاضن رسول الله (صلى الله عليه وآله)، وأشد المؤمنين به، علم كتب الأديان السماوية الأولى، وكان يعلم من تلك الكتب بأن إبن أخيه نبي مرسل، وكان رضوان الله عليه يكتم إيمانه تقية من قريش حتى يتمكن أن يحمي رسول الله صل الله عليه واله بأحسن وجه، فهو يقول في النبي الأكرم صلوات الله عليه[1]:
لعمري لقد كلفت وجدا بأحمـــــد وإخــــوته دأب المحب المـــواصـــــل
فلازال في الدنيا جمالا لأهلهـــــا وزينا على رغم العدو المخابل[2]
فمن مثله في الناس أو من مؤمل إذا قايس الحكام أهـــــل التفاضــــل
حليــم رشيد عادل غير طـــــائش يوالــــي إلهــا ليس عـنـه بـذاهــــل
فأيــــــده رب العــبـــــاد بنــصـــــره وأظهــــر دينــا حقه غير ناصل[3]
فــوالله لـــــــــولا أن أجيء بسبـــة تجـــر علــى أشياخنا فــي المحافل
لكنـــا إتبعناه علـــى كــــل حــــالة مـــن الدهر جــدا غيـــر قول التهازل
لقـــــــد علمـــوا أن ابننا لامكــــذب لــــديهم ولايعنــــى بقـــول الأباطـل
رجـــال كـــــرام غير ميل نمـــــاهم الـــى العـز آباء كرام المخاصل[4]
وقفنــا لهـــم حتى تبــدد جمعهــم وحسّـــر[5] عنا كــل باغ وجاهـل
شبــاب مــــن المطلبين وهــــاشم كبيض السيــوف بين أيــدي الصياقل
.............................................. ......................................[6]
ومـــن ذا يمــل الحرب مني ومنهـم ويحمد فـــي الآفــاق في قول قائل
فــــأصبح مـنـــــا أحمـد في أرومـــة تقصـــــر منها ســــورة المتطــــاول
كــــــأني بـه فــوق الجياد يقودهــــا الــــى معشر زاغوا الى كـــل باطل
وجــــــدت بنفسي دونــــــه وحميته ودافعت عنـــــه بالطلى والكــــلاكل
ولا شـــــــك في أن الله رافـــع أمـره ومعليه فـــــي الدنيا ويــوم التجادل
كما قد أري في اليوم والأمس جــده ووالـــــده رؤياهما خير آفـــل[7]
فصلوات الله عليه يوم وُلد بأطهر بقعة في أكرم بيت واحسن نسب، ويوم ربى وأنفق على خير خلق الله تعالى، ويوم آمن وآوى وحمى، ويوم أولد الوصي المعظما، ويوم توفي وعند الله له المقام الأوفى، كيف لا وإبنه قسيم الجنة ولظى.وهو جد خير الخلق أئمة الهدى، أللهم إرزقنا شفاعته وشفاعة أبنائه الطاهرين من سلالة أمير المؤمنين عليهم السلام أجمعين. والسلام عليك ياأبا طالب ولاحرمنا الله من زيارتك دائما وأبدا.
[1]- ديوان شيخ الأباطح أبي طالب جمع أبي هفان المهمزي العبدي ضمن كتاب نصوص الدراسة في الحوزة العلمية: 386
[2]- من الخبل وتروى المحايل أي الذي يجر حبل المكيدة والغدر.
[3]- نصل الشيء من الشيء خرج منه.
[4]- المخاصل جمع مخصل كمنبر السيف القاطع يقال سيف كريم أي لايفل في الحرب.
[5]- أي إنكشف وتروى تحسر، والأبيات التالية توحي بأن الوضع كان بين قريش وابي طالب على وشك الإنفجار والحرب.
[6]- لطول القصيدة إختصرنا بعض الأبيات.
[7]- في هذا البيت يشير أبو طالب رضوان الله عليه الى رؤيا رآها عبد المطلب وأخرى رآها عبد الله رضوان الله عليهما تبشر بولادة النبي الأكرم صلى الله عليه وآله.