إمامة أبي بكر لم تكن بالشورى
السيد علي الحسيني الميلاني
توفّي رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله)، وتفرّق الناس بعد رسول اللّه، وبدأ الاختلاف والافتراق بين الأمّة وآل أمر الخلافة والإمامة إلى ما آل إليه، توفي رسول اللّه وجنازته على الأرض، فطائفة من المهاجرين والأنصار في بيوتهم، وبعضهم مع علي حول جنازة رسول اللّه، وبعض الأنصار اجتمعوا في سقيفتهم، ثمّ التحق بهم عدد قليل من المهاجرين، فوقع هناك ما وقع، وكان ما كان، وأسفرت القضيّة عن البيعة لأبي بكر، ولم يدّع أحد أنّ هذه البيعة كانت عن طريق الشورى، ولم يكن هناك ـ في السقيفة ـ أيّ شورى، بل كان الصياح والسبّ والشتم، والتدافع والتنازع، حتّى كاد سعد بن عبادة ـ وهو مسجّى بينهم ـ يموت أو يقتل بين أرجلهم. وحينئذ، جاء عنوان البيعة إلى جنب عنوان النص، فإذا راجعتم الكتب الكلاميّة عند القوم قالوا بأنّ الإمامة تثبت إمّا بالنص وإمّا بالبيعة والاختيار. عندما تحقّق هذا الشيء وبهذا الشكل، جعلوا الاختيار والبيعة طريقاً لتعيين الإمام كالنص. أمّا عنوان الشورى فلم يتحقّق في السقيفة أصلاً، ولم نسمع أحداً يقول أن القضيّة كانت عن طريق الشورى، وأنّ إمامة أبي بكر ثبتت عن طريق الشورى، لا يقوله أحد ولو قاله لما تمكّن من إقامة الدليل والبرهان عليه. وكما ذكرت في البحوث السابقة، حتّى في قضيّة أبي بكر، عندما فشل القوم ولم يتمكّنوا من إثبات إمامته عن طريق البيعة والاختيار، حيث ادّعوا الاجماع على إمامته ولم يتمكّنوا من إثبات ذلك، عادوا واستدلّوا لإمامة أبي بكر بالنص، وقد قرأنا بعض الأحاديث وآية أو آيتين يستدلّون بها على إمامة أبي بكر، مع الجواب عنها تفصيلاً. وحينئذ، يظهر أنّ البيعة والاختيار أيضاً لا يمكن أن يكون دليلاً على ثبوت إمامة وتعيين إمام.