انتظار الفرج
الشيخ مرتضى الساعدي
إنَ المتتبع لروايات أهل بيت العصمة صلوات الله عليهم يجد ان عبارة (انتظار الفرج) وردت في لسان النبي (صلى الله عليه وآله) والائمة الاطهار (عليهم السلام) والملفت للنظر انها وصفت بأنها أفضل العبادة مما يكشف عن امر في غاية الاهمية ينبغي تسليط الضوء عليه وعدم اغفاله ابدا...فنقول:
ما معنى انتظار الفرج الذي عبر عنه بأنه افضل العبادة وهل يمكن تفسيره كما فسره العامة بأن المسلم يكون مرض فينتظر فرج العافية او انه يكون في فقر فينتظر فرج الغنى وهكذا، وهذا الامر وان كان محبوبا وجيدا الا انه لا يرتقي بان يوصف بأنه افضل العبادات خصوصا اذا قرن بالصلاة والصوم والحج والجهاد والتفكر في آلاء الله تعالى.
وبطبيعة الحال إن كل من لم يأخذ العلم من اهله يقع في مثل هذا التيه.
اما بالنسبة لتفسير هذا الامر في مدرسة اهل البيت (عليهم السلام) فقد صرحت النصوص على امر في غاية الصعوبة وتحمله ليس بالهين ومن يتحمله له ذلك الاجر العظيم الذي يرتقي الى اتيانه بأفضل العبادات فعن معاوية بن وهب، عن أبي حمزة، عن أبي جعفر (عليه السلام)، عن النبي (صلى الله عليه وآله) (من بعدكم الرجل الواحد منهم له أجر خمسين منكم. قالوا: يا رسول الله نحن كنا معك ببدر وأحد وحنين ونزل فينا القرآن. فقال: إنكم لو تحملون لما حملوا لم تصبروا صبرهم).
اذن فالمراد الجدي الحقيقي من الانتظار للفرج هو انتظار قيام دولة العدل الالهي على يد صاحبها كما وعد الله تعالى في كتابه الكريم في الآية الخامسة من سورة القصص (وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ) وقوله تعالى في سورة الانبياء في الآية الخامسة بعد المائة (وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِي الزَّبُورِ مِنْ بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الْأَرْضَ يَرِثُهَا عِبَادِيَ الصَّالِحُونَ).
ويدخل معمّر بن خلاّد على الرّضا (عليه السلام): فيقول له: عجّل الله فرجك، فقال: (يا معمّر ذاك فرجكم أنتم، فأمّا أنا فوالله ما هو إلاّ مِزود فيه كفّ سويق مختوم بخاتم)[1]
وقال أمير المؤمنين صلوات الله عليه: (إنتظروا الفرج ولا تيأسوا من روح الله، فإنّ أحبّ الأعمال إلى الله عزّ وجلّ إنتظار الفرج)
وفي إكمال الدين: في حديث عن مولانا الجواد (عليه السلام) قال: (أفضل أعمال شيعتنا إنتظار الفرج)
في رواية الأربعمائة قال أمير المؤمنين (عليه السلام): (أفضل أعمال المرء إنتظار فرج الله عزّ وجل)
وفي غيبة النعماني يأتي التصريح بالأمر: فعن إبراهيم الكرخي، عن مولانا الصّادق (عليه السلام) في حديث قال: (المنتظر للثاني عشر منهم كالشاهر سيفه بين يديه، بل كالشاهر بين يدي رسول الله (صلى الله عليه وآله) يذبّ عنه)
وتلخص مما تقدم ان انتظار الفرج هو الانتظار لقيام دوله الحق التي وعد الله تعالى بها عباده ولم يتسنَ لنبي ولا وصي من اقامتها بسبب عناد الخلق وعصيانهم وعدم تسليمهم لدعوة الانبياء فما نجى الا القليل!!!!
كيفية الانتظار
بعد ان عرفنا معنى الانتظار والمراد منه فهل رسم لنا الائمة (عليهم السلام) حدودا لهذا الموضوع ام ترك هكذا، نعم رسمت الحدود وبينت المعالم بصورة دقيقة الا ان بعضهم ذهب به الاستحسان والاذواق وما شاكل شرقا وغربا وقيل بأن الانتظار سلبي وايجابي فالسلبي هو التخلي عن الامر والايجابي بأقامة الحكم ان سنحت الفرصة والتصدي لأمور العامة من الناس سياسة وادارة ومنهم من طال عليه الامد وفكر بأن نشر الفساد في الارض تعجيلا بالظهور لانه لا يظهر الا عن امتلاء للارض فسقا وجورا وهكذا.....
ورد في الروايات حصر الانتظار بالصبر ففي دعوات الراوندي: قال النبي (صلى الله عليه وآله): (انتظار الفرج بالصبر عبادة)[2]
في رواية الأربعمائة، قال (عليه السلام): (الآخذ بأمرنا معنا غداً في حظيرة القدس والمنتظر لأمرنا كالمتشحّط بدمه في سبيل الله)
وعن المفضل بن عمر الجعفي قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): (أقرب ما يكون العباد من الله وأرضى ما يكون عنهم إذا افتقدوا حجة الله فلم يظهر لهم ولم يعلموا بمكانه، وهم في ذلك يعلمون أنه لم تبطل حجة الله ولا ميثاقه، فعندها توقعوا الفرج صباحا ومساء)[3]
الأمالي للطوسي: أخبرنا حمويه، قال حدثنا أبو الحسين، قال حدثنا ابن مقبل، قال حدثنا عبد الله بن شبيب، قال حدثنا إسحاق بن محمد الفروي، عن سعيد بن مسلم، عن علي بن الحسين، عن أبيه، عن علي (عليهم السلام)، قال قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): (من رضي من الله بالقليل من الرزق، رضي الله منه بالقليل من العمل، و انتظار الفرج عبادة)
وعن الإمام الصادق (عليه السلام): (من دين الأئمة الورع والعفة والصلاح... وانتظار الفرج بالصبر)[4]
ومعنى الصبر انك تتحمل ما يجري عليك في دولة الظالمين وتتقي منهم وتعايشهم وتعود مرضاهم وتشيع جنائزهم وتخالطهم مخالطة معايشة لا مخالطة موالاه وهذه نقطة مهمة ينبغي الالتفات اليها وتحتاج الى موضوع مفصل مستقل.
وكذا تتحمل وتكتم الحق الذي انت عليه فلا ترفع راية العداء ولا لواء الثورة وتولي الحكم لان ذلك يجعلك في معرض الهلكة والعطب وما يكون ذلك الا زيادة في مكروه الشيعة وزيادة محنتهم فعن الحسين بن سعيد، عن حماد بن عيسى، عن الحسين بن المختار، عن ابي بصير، عن ابي عبد الله (عليه السلام) قال: (كل راية ترفع قبل قيام القائم فصاحبها طاغوت يعبد من دون الله)[5] وعن الإمام الباقر (عليه السلام): (اعلم أنه لا تقوم عصابة تدفع ضيما أو تعز دينا إلا صرعتهم المنية والبلية، حتى تقوم عصابة شهدوا بدرا مع رسول الله (صلى الله عليه وآله)، لا يوارى قتيلهم، ولا يرفع صريعهم، ولا يداوى جريحهم، قلت: من هم ؟ قال: الملائكة)
وعنه (عليه السلام): (مثل من خرج منا أهل البيت قبل قيام القائم مثل فرخ طار ووقع في كوة فتلاعبت به الصبيان)
الإمام الصادق (عليه السلام): (ما خرج ولا يخرج منا أهل البيت إلى قيام قائمنا أحد ليدفع ظلما أو ينعش حقا إلا اصطلمته البلية، وكان قيامه زيادة في مكروهنا)[6]
وعن الإمام الرضا (عليه السلام): (إن أكرمكم عند الله أتقاكم وأعملكم بالتقية)[7]
وعليه فأن انتظار الفرج مخصوص بالصبر وان الصبر فيه الفرج والالتزام به من الامور التي تعجل الفرج ولذا ورد ان انتظار الفرج من الفرج كما في رسالة الحجة (عجل الله تعالى فرجه الشريف) للصدوق الاب التي سنوردها آنفا.
فلا حرب ولاقتال ونحن في هدنة الى ظهور القائم (عجل الله تعالى فرجه الشريف) فعن أحمد بن محمد بن أبي نصر، عن محمد بن عبد الله قال: قلت للرضا (عليه السلام): جعلت فداك إن أبي حدثنى عن آبائك (عليهم السلام) أنه قيل لبعضهم: إن في بلادنا موضع رباط يقاله قزوين وعدوا يقال له: الديلم فهل من جهاد أو هل من رباط؟ فقال: (عليكم بهذا البيت فحجوه، ثم قال: فاعاد عليه الحديث ثلاث مرات كل ذلك يقول: عليكم بهذا البيت فحجوه، ثم قال في الثالثة: أما يرضى أحدكم أن يكون في بيته ينفق على عياله ينتظر أمرنا، فان أدركه كان كمن شهد مع رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) بدرا وإن لم يدركه كان كمن كان مع قائمنا في فسطاطه هكذا وهكذا - وجمع بين سبا بتيه)[8]
فالخروج عن هذه الموازين الدقيقة التي رسمها الائمة الاطهار صلوات الله عليهم انما ينعكس سلبا علينا وعلى فرجنا، وكذا الحال بالنسبة للتوقيت فأنه من الامور التي تؤدي الى تأخير الفرج وقضى الله تعالى الا ان يكذب الوقاتين وما للتوقيت من مردود سلبي وما يعجل بالناس الى الانجرار وراء الرايات الضالة المغرضة والنفعية في كثير من الاحيان ومن اصابة طلاب الحقيقة فيما بعد بالاحباط واليأس بعد تبين ضلال الدعاوى الباطلة، فعن الإمام الرضا (عليه السلام): (إنما يجئ الفرج على اليأس كذب الوقاتون) - الإمام الباقر (عليه السلام) - وقد سأله الفضيل: هل لهذا الأمر وقت؟: (كذب الوقاتون، كذب الوقاتون، كذب الوقاتون) - الإمام الصادق (عليه السلام): (كذب الموقتون، ما وقتنا فيما مضى، ولا نوقت فيما يستقبل)[9]
وتحمل امر اهل البيت (عليهم السلام) والسير بالطريق الذي رسموه ليس بالامر الهين كما يتصوره البعض بل هو صعب مستصعب فعن أبي بصير ومحمد بن مسلم، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: (خالطوا الناس بما يعرفون، ودعوهم مما ينكرون، ولا تحملوا على أنفسكم وعلينا، إن أمرنا صعب مستصعب لا يحتمله إلا ملك مقرب، أو نبي مرسل، أو عبد مؤمن امتحن الله قلبه للإيمان)[10]
فالصبر اذن على تحمل الحق وتبعاته واليك التاريخ لترى ما جرى على اتباع الحق من قتل وتشريد حتى امتلئت بهم الارض ولكن العود ايجابيا لهذه المحن بحمد الله وهديه اذ انتشرت الحقيقة في اصقاع المعمورة.
واظن ان اصعب ما في الامر هو انك صاحب الحق وترمى بالضلال او يعترف بك في بعض المراحل على مضض كما في المراجعات التي اجراها السيد عبد الحسين شرف الدين (رحمه الله تعالى) مع الشيخ البشري وبعد طول المناظرة يعترف بأن المذهب الجعفري يمكن اعتباره المذهب الخامس وعليه يجوز التعبد به، وما عليك الا ان تتخيل كيف صار الحق مؤخرا وكيف يعترف به بالكاد ويرفض ويحارب في كل الادوار تقريبا، ويقول الذهبي في ترجمة الشيخ علي بن ابراهيم القمي (رحمه الله) -رافضي جلد له تفسير فيه مصائب- ولا حول ولا قوة الا بالله العلي العظيم. والشواهد على ذلك اكثر من ان تحصى.[11]
عمل الشيعة في زمان الغيبة
اولا: مزاوله حياتهم الطبيعية ومجاملة العامة وكتم العقائد التي يصعب على الكثير فهمها وحسن معاشره الناس والاستقامة والامانة والصدق وغيرها من الصفات المحمودة ليكونوا بذلك دعاة صامتين للحق ولهم عظيم الاجر والثواب كما صرحت به النصوص الشريفة.[12]
ثانيا: التواد والتواصل بين الاخوان وعدم التباغض والتناحر والسباب مما قد نجده واضحا في عصرنا هذا لمجرد الاختلاف في الرأي او التقليد وحتى وصل الامر الى القتل والتصفية الجسدية ولا حول ولا قوة الا بالله العلي العظيم.
فعن يعقوب بن ميثم التمار مولى علي بن الحسين (عليهما السلام) قال دخلت على أبي جعفر (عليه السلام) فقلت له جعلت فداك يا ابن رسول الله، إني وجدت في كتب أبي أن عليا (عليه السلام) قال لأبي ميثم أحبب حبيب آل محمد و إن كان فاسقا زانيا، و ابغض مبغض آل محمد و إن كان صواما قواما، فإني سمعت رسول الله (صلى الله عليه و آله) و هو يقول (الَّذِينَ آمَنُوا وَ عَمِلُوا الصَّالِحاتِ أُولئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ) ثم التفت إلي و قال هم و الله أنت و شيعتك يا علي، و ميعادك و ميعادهم الحوض غدا، غرا محجلين، مكتحلين متوجين. فقال أبو جعفر هكذا هو عيانا في كتاب علي (عليه السلام)[13].
ثالثا: استشعار وجوده المبارك واطلاعه على اعمالنا كما اشارة الى ذلك روايات عرض الاعمال عليه (عجل الله تعالى فرجه الشريف) وعدم فعل ما يحزنه ويكدر خاطره والدعاء له والتصدق عنه وقد ورد عندنا صلاة الفرج عن أمير المؤمنين (عليه السلام) بأن تصلّي ركعتين، تقرأ في الاُولى الحمد وقل هو الله أحد ألف مرّة، وفي الثانية الحمد وقل هو الله أحد مرّة واحدة، ثمّ تتشهّد وتسلّم وتدعو بدعاء الفرج وتقول: اللّهمّ يا من لا تراه العيون ولا تخالطه الظنون الدعاء...
رابعا: عدم الارتياب في امره او الشك فيه مهما طال الامد وكثرت الفتن واختلفت الرايات والاهواء ومراجعه اهل العلم والورع لكشف غمام الشبه والمعضلات كما وردت الاخبار بالرجوع الى اهل العلم في عصر الغيبة الكبرى، وبالتالي لابد ان يكون امره بين لاريب فيه فقد ورد في الإحتجاج: عن الثمالي، عن أبي خالد الكابلي، عن مولانا الإمام السجّاد (عليه السلام) قال: (تمتدّ الغيبة بوليّ الله الثاني عشر من أوصياء رسول الله (صلى الله عليه وآله) والأئمّة بعده. يا أبا خالد إنّ أهل زمان غيبته القائلون بإمامته المنتظرون لظهوره أفضل أهل كلّ زمان لأنّ الله تعالى ذكره أعطاهم من العقول والأفهام والمعرفة ما صارت به الغيبة عندهم بمنزلة المشاهدة وجعلهم في ذلك الزمان بمنزلة المجاهدين بين يدي رسول الله (صلى الله عليه وآله) بالسيف)[14]
خامسا: ان الالتزام بما اراد الائمة صلوات الله عليهم ينتج الفوز والنعيم وله من الاجر كمن قاتل مع رسول الله او كان مع الحجة في فسطاطه وحتى لو ادركه الموت فأنه ينادى ان قام صاحبك فأن اردت ان تلحق به فقم والا بقيت في كرامة ربك كما اشارة الى ذلك النصوص الشريفة.
واخيرا نورد الوصية المباركة للمولى الأعظم -روحي فداه- الي الشيخ علي بن بابويه القمي-الصدوق الاب (رحمه الله) كما في مستدرك الوسائل - الطبعة الحجرية: 3 / 527 ح 11 - بتفاوت عن الاحتجاج وفيه: (أما بعد أوصيك يا شيخي ومعتمدي وفقيهي يا أبا الحسن علي بن الحسين بن بابويه القمي وفقك الله لمرضاته وجعل من ولدك أولادا صالحين برحمته، بتقوى الله وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، فإنه لا تقبل الصلاة من مانعي الزكاة، وأوصيك بمغفرة الذنب، وكظم الغيظ، وصلة الرحم، ومواساة الاخوان، والسعي في حوائجهم في العسر واليسر، والحلم عند الجهل، والتفقه في الدين، والتثبت في الامور ، والتعهد للقرآن، وحسن الخلق، والامر بالمعروف والنهي عن المنكر ، قال الله عز وجل: لا خير في كثير من نجواهم إلا من أمر بصدقة أو معروف أو إصلاح بين الناس ، واجتناب الفواحش كلها ، وعليك بصلاة الليل ، فإن النبي (صلى الله عليه وآله) أوصى عليا (عليه السلام) فقال: يا علي عليك بصلاة الليل، عليك بصلاة الليل، عليك بصلاة الليل. ومن استخف بصلاة الليل فليس منا، فاعمل بوصيتي وأمر جميع شيعتي بما أمرتك به حتى يعملوا عليه، وحسبنا الله ونعم الوكيل) ابو خالد الكابلي عن السجاد (عليه السلام) في حديث (... تمتد الغيبة بولي الله الثاني عشر من أوصياء رسول الله والائمة بعده، يا ابا خالد إن أهل زمان غيبته و القائلين بإمامته والمنتظرين لظهوره عليه السلام أفضل من أهل كل زمان، لان الله تعالى ذكره أعطاهم من العقول والافهام والمعرفة ما صارت به الغيبة عنهم بمنزلة المشاهدة، وجعلهم في ذلك الزمان بمنزلة المجاهدين بين يدي رسول الله صلى الله عليه وآله بالسيف، اولئك المخلصون حقا وشيعتنا صدقا والدعاة إلى دين الله سرا وجهرا)، وقال (عليه السلام): (انتظار الفرج من أعظم الفرج)[15] نعم المولى ونعم النصير "
تنبيه: الاطاعة المطلقة والتسليم الحقيقي للحق في الادوار والاطوار وعدم عرض الاور على العقول القاصرة عن هذا الامر العظيم ففي الغيبة والحضور لا بد من التسليم له (عليه السلام) وبذلك الفوز والنجاة واليك ما روى في ذلك عن الجواد صلوات الله عليه عن محمد بن هارون الرؤياني، عن عبد العظيم الحسني قال: دخلت على سيدي محمد بن علي (عليهما السلام) وأنا اريد أن أسأله عن القائم أهو المهدي أو غيره ؟ فابتدأني فقال: (يا أبا القاسم إن القائم منا هو المهدي الذي يجب أن ينتظر في غيبته ويطاع في ظهوره وهو الثالث من ولدي والذي بعث محمدا بالنبوة وخصنا بالامامة إنه لو لم يبق من الدنيا إلا يوم واحد لطول الله ذلك اليوم حتى يخرج فيملا الارض قسطا وعدلا كما ملئت جورا وظلما وإن الله تبارك وتعالى يصلح أمره في ليلة أصلح أمر كليمه موسى (عليه السلام) ليقتبس لأهله نارا فرجع وهو رسول نبي ثم قال (عليه السلام): أفضل أعمال شيعتنا انتظار الفرج)[16]
والكلام في هذا الموضوع طويل لا يسعه هذا المختصر ومن الله العون وآخر دعوانا ان الحمد لله رب العالمين وسلام على المرسلين وصلى الله على رسوله الامجد وآله الطاهرين.
[1]- بحار الانوار للمجلسي: 75 /339
[2]- بحار الانوار للمجلسي: 52 /145
[3] -غيبة الطوسي: 469
[4] -ميزان الحكمة للريشهري: 1 /179
[5] - الفصول المهمة للحر العاملي: 1/484، وكذا في بحار الانوار للمجلسي: 52/ 143
[6]- وسائل الشيعة: 11 / 35 باب 13.
[7] - ميزان الحكمة للريشهري: 1/ 177
[8] - مسند الامام الرضا
[9] - ميزان الحكمة
[10] - بحار الانوار للمجلسي: 2/ 71
[11] - معاوية بن وهب قال: دخلت علي أبي عبد الله (عليه السلام) وهو في مصلاه فجلست حتى قضى صلاته فسمعته وهو يناجي ربه ويقول: (يا من خصنا بالكرامة، ووعدنا الشفاعة وحملنا الرسالة، وجعلنا ورثة الأنبياء، وختم بنا الامم السالفة وخصنا بالوصية وأعطانا علم ما مضى وعلم ما بقي، وجعل أفئدة من الناس تهوي إلينا، اغفر لي ولإخواني وزوار قبر أبي الحسين بن علي صلوات الله عليهما الذين أنفقوا أموالهم وأشخصوا أبدانهم، رغبة في برنا، ورجاء لما عندك في صلتنا، وسرورا أدخلوه على نبيك محمد (صلى الله عليه واله)، وإجابة منهم لأمرنا، وغيظا أدخلوه على عدونا، أرادوا بذلك رضوانك. فكافهم عنا بالرضوان، واكلاهم بالليل والنهار، واخلف على أهاليهم وأولادهم الذين خلفوا بأحسن الخلف، واصحبهم واكفهم شر كل جبار عنيد، وكل ضعيف من خلقك أو شديد، وشر شياطين الإنس والجن وأعطهم أفضل ما أملوا منك في غربتهم عن أوطانهم وما آثرونا على أبنائهم وأهاليهم وقراباتهم. اللهم إن أعداءنا عابوا عليهم خروجهم فلم ينههم ذلك عن النهوض والشخوص إلينا خلافا عليهم، فارحم تلك الوجوه التي غيرتها الشمس، وارحم تلك الخدود التي تقلب على قبر أبي عبد الله (عليه السلام)، وارحم تلك الأعين التي جرت دموعها رحمة لنا، وارحم تلك القلوب التي جزعت واحترقت لنا وارحم تلك الصرخة التي كانت لنا، اللهم إني أستودعك تلك الأنفس وتلك الأبدان حتى ترويهم من الحوض يوم العطش. بحار الانوار للمجلسي: 98/ 8
[12] - الإمام الصادق (عليه السلام): (المنتظر للثاني عشر كالشاهر سيفه بين يدي رسول الله (صلى الله عليه وآله) يذب عنه) عنه (عليه السلام): (من مات منتظرا لهذا الأمر كان كمن كان مع القائم في فسطاطه، لا بل كان بمنزلة الضارب بين يدي رسول الله (صلى الله عليه وآله) بالسيف) الكافي: عن مولانا الباقر (عليه السلام) في حديث: (واعلموا أنّ المنتظر لهذا الأمر له مثل أجر الصّائم القائم)
[13] - امالي الطوسي: 459
[14] - مستدرك السفينة
[15] - بحار الانوار للمجلسي: 36/ 387
[16] - ا بحار الانوار للمجلسي: 51/ 156