بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين وصلى الله على محمد واله الطاهرين
قال الله تعالى : وَمَا جَعَلَهُ اللَّهُ إِلَّا بُشْرَى وَلِتَطْمَئِنَّ بِهِ قُلُوبُكُمْ وَمَا النَّصْرُ إِلَّا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ [الأنفال/10]
بفضل من الله سبحانه وتعالى أُعلن هذا اليوم إتمام عمليات تحرير مدينة الموصل وقد جاء هذا التحرير بعد إحتلال دام لاكثر من ثلاثة أعوام أراد فيه جند الشيطان من مشارق الأرض ومغاربها من كفار ونواصب، والكفر كله ملة واحدة، أن يطفؤا نور الله ولكن يأبى الله إلا أن يتم نوره، وقد تجمعوا من كل حدب وصوب يدعمهم مال النفط وقوة العساكر وحداثة التكنلوجيا والجهل والخداع والاعلام ولم يكن همهم الموصل وغيرها وإنما كان همهم النور النجفي الكربلائي المشرق على الوجود البشري، فكانت الحرب حتمية بين النور والظلام، فما كان من زعماء النور في عصر الغيبة - وهم الفقهاء – إلا أن إمتشقوا حسام الهداية العلوية وأصدر مرجع المؤمنين الأول والاعلى أمره بالجهاد الدفاعي فهب المؤمنون زرافات ووحدانا يحدوهم حب الهداية والدين المحمدي والهدى العلوي فتقدموا الى سوح الوغى وقدموا أنبل الدماء وجاهدوا كل الظلاميين المتمثلة حقائقهم بالحشود التكفيرية التي سعوا الى لملمتهم في أرضنا المقدسة، وقام النواصب بأقبح مايمكن تصوره من إغتصاب نساء وسبيهن وقتل الرجال حرقا وشنقا وغرقا ونتلا، بل وقتل الرضع ليعيدوا ما صنعه أسلافهم من أبناء آكلة الاكباد ورفاس القبور من بني امية لعنهم الله قاطبة، وقد تسلطوا على أبناء ملتهم ممن قام بعضهم بإيوائهم وحمايتهم وارشادهم الى العورات، فما إكتفوا منهم بعد كل ماسبق من سبي وقتل وفتك إلا أن جعلوهم متاريس أمام نيران القوات العراقية ومن فلت منهم قتله قناصوهم والفائز من وصل الى أيدي القوات المحررة ليعيش حياة مستأنفة.
وقد أصابنا المجرمون بفلذات الاكباد وعيون أرض السواد ولكنه كما قال الله تعالى:" لَنْ يَضُرُّوكُمْ إِلَّا أَذًى وَإِنْ يُقَاتِلُوكُمْ يُوَلُّوكُمُ الْأَدْبَارَ ثُمَّ لَا يُنْصَرُونَ (آل عمران/111) فتحقق وعد الله وولوا الادبار ولم تكن لهم فئة تنصرهم ممن وعدوهم بالنصر لهم والدفاع عنهم.
وقد تشرفت الحوزة العلمية المباركة بان قادت الجماهير المجاهدة وتقدمت أمامها في سوح النضال فما ترى من صولة الا وعمامة الحوزة في مقدمتها ولامن معونة الا والعمامة رأسها، فقاد طلاب الحوزة الصولات العسكرية وقدما المعونات والمساعدات لابناء المحافظات المحتلة وهم بالأمس القريب فعلوا مافعلوا فكانت الحوزة وقيادتها المرجعية الملاذ الآمن للسنة قبل الشيعة.
وكانت الضريبة دماءا زكية مطهرة تشرفت الحوزة بتقديمها على منحر الحرية والكرامة والدفاع عن دين محمد وعلي صلوات الله عليهما، وكان كل ذلك بعين الله تعالى " ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ لَا يُصِيبُهُمْ ظَمَأٌ وَلَا نَصَبٌ وَلَا مَخْمَصَةٌ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا يَطَئُونَ مَوْطِئًا يَغِيظُ الْكُفَّارَ وَلَا يَنَالُونَ مِنْ عَدُوٍّ نَيْلًا إِلَّا كُتِبَ لَهُمْ بِهِ عَمَلٌ صَالِحٌ إِنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ [التوبة/120]
وقد تشرفت مدرسة دار الحكمة للعلوم الإسلامية وهي من أعرق المؤسسات الحوزوية بان كان منها قيادات مهمة وبطلة في أرض النزال وقدمت شهداءاً كراما عند الله نسال الله تعالى ان يحشرهم مع أبي الفضل وإبن مظاهر وأصحابهما رضوان الله عليهم.
وفي الوقت الذي نستبشر به بالنصر والتحرير علينا أن لاننسى أننا أمام تحديات ومهمات أخرى كبيرة تتعلق بالحكومة والمؤسسات المدنية والشعب، ومن أهمها تصفية الفاسدين من كل مهمة، وبناء النخب القادرة على قيادة بلد من أعظم بلدان العالم اليوم ومركز الدنيا في مستقبل الظهور الشريف إن شاء الله تعالى.
وتبقى الحوزة في كل ذلك وبقيادتها المرجعية خير معين لمن يحتاج الى راي او يرغب في بناء صحيح لحق ولخير ولصلاح، وليس هذا بجديد على مراجعنا العظام فإنهم يتكأون على خبرة وتجربة لإثني عشر قرنا جربوا فيها كل مايُحتمل أن يجرب وهم في كل حركة وسكنة يعتمدون على تراث معصوم مطهر تمثل بالقمم العقلية البشرية المرتبطة بالسماء إرتباطا مباشرا محمد المصطفى صلى الله عليه واله وسلم وعلي المرتضى صلوات الله عليه وأبنائهما الغر الميامين سادة الهدى..اللهم أظهر كلمة الحق وإجعلها هي العليا وإدحض كلمة الباطل وإجعلها هي السفلى..أللهم أحينا على ماأحييت عليه علي بن ابي طلب وامتنا على مامات عليه علي بن ابي طالب.
إدارة مدرسة دار الحكمة في النجف الاشرف
في الخامس عشر من شوال 1438 للهجرة
الموافق للعاشر من تموز 2017 للميلاد
اخر الاخبار