عن أبي عبد الله (ع) قال: (ما امتشطت فينا هاشمية ولا اختضبت، حتى بعث إلينا المختار برؤوس الذين قتلوا الحسين عليه السلام).
تمر علينا ذكرى شهادة المختار ابن أبي عبيد الثقفي (رحمه الله) في الكوفة للأخذ بثأر الإمام الحسين (عليه السلام) في الرابع عشر من شهر رمضان سنة ٦٦هـ.
وكان لخروجه والقصاص من تلك العصابة المجرمة التي ارتكبت أعظم جريمة في التاريخ أثر كبير في خلود اسمه وثورته العظيمة في أذهان شيعة أهل البيت عليهم السلام وكذا في أذهان أعدائهم أدى ذلك إلى الغموض حول خروجه، فهل كان مأذونا من إمام زمانه زين العابدين عليه السلام؟ أم خرج طالبا للحكم تحت شعار يالثارات الحسين؟
ومن الطبيعي جداً أن يثار التشكيك حول هذا المشروع الكبير؛ إذ أنه ضيق المقام على أعداء أهل البيت عليهم السلام ودعى لنصرة آل علي الذين طالهم ظلم بني أمية.
وإذا أخذنا نظرة سريعة حول الروايات التي ذكرت المختار الثقفي فهي على قسمين: مادحة وذامة.
أما المادحة: فهي متظافرة كما ذكر استاذ الفقهاء السيد الخوئي أعلى الله مقامه في معجم رجال الحديث.
وعلق على الرواية أعلاه وقال هذه الرواية صحيحة.
وأما الروايات الذامة: فهي ضعيفة الاسناد جدا، ومنها فيها تهافت، وتناقض.
تبين من ذلك أن الروايات المادحة كثيرة وبعضها صحيح أما الذامة فهي أقل وضعيفة متهافتة.
كما إن خروج المختار وقتله قتلة الحسين عليه السلام لا شك أنه محصل لرضا الله تبارك وتعالى ورضا أهل البيت عليهم السلام فقد استجاب الله دعاء الامام زين العابدين عليه السلام على يديه في كيفية قتله لحرملة بن كاهل الذي قتل عبد الله الرضيع (عليه السلام).
(ويظهر من بعض الروايات إن خروجه كان بإذن خاص من الامام السجاد (عليه السلام)، فقد ذكر جعفر بن محمد بن نما في كتابه: أنه اجتمع جماعة قالوا لعبد الرحمن بن شريح: إن المختار يريد الخروج بنا للأخذ بالثأر، وقد بايعناه ولا نعلم أرسله إلينا محمد بن الحنفية، أم لا، فانهضوا بنا إليه نخبره بما قدم به علينا، فإن رخّص لنا اتبعناه وإن نهانا تركناه، فخرجوا وجاؤوا إلى ابن الحنفية (إلى أن قال) فلما سمع (ابن الحنفية) كلامه (عبد الرحمن بن شريح) وكلام غيره وحمد الله وأثنى عليه، وصلى على النبي وقال: أما ما ذكرتم مما خصنا الله فإن الفضل لله يعطيه من يشاء والله ذو الفضل العظيم، وأما مصيبتنا بالحسين فذلك في الذكر الحكيم، وأما الطلب بدمائنا قوموا بنا إلى إمامي وإمامكم علي بن الحسين، فلما دخل ودخلوا عليه، أخبر خبرهم الذي جاؤوا لأجله، قال: يا عم، لو أن عبدا زنجيا تعصب لنا أهل البيت لوجب على الناس مؤازرته، وقد وليتك هذا الامر فاصنع ما شئت، فخرجوا وقد سمعوا كلامه وهم يقولون أذن لنا زين العابدين عليه السلام ومحمد بن الحنفية).