من أهم الغزوات في حياة الرسول الكريم (صلى الله عليه وآله وسلم) مع مشركي قريش حيث أن قريش أرادت أن تثأر لما حدث معها في معركة بدر من قتل أشياخها وأشرافها، حيث ذكر ابن إسحاق في كتابه إنارة الدجى:
إن أهم أسباب هذه الغزوة هي أخذ الثأر والقضاء على المسلمين، فاتفقت قريش على أن تقوم بحرب شاملة ضد المسلمين تشفي غيظها وتروي غلة حقدها، وأخذت في الاستعداد للخوض في مثل هذه المعركة .
ومن تلك الأسباب أن المسلمين قد سيطروا سيطرة تامة على طرق التجارة مع الشام والعراق التي كانت تقصدها قريش بتجارتها فحلت بالمشركين ضائقة إقتصادية تامة فأعدوا العدة وجمعوا الأموال للقضاء الشامل على المسلمين، وفي ذلك أنزل الله تعالى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يُنْفِقُونَ أَمْوالَهُمْ لِيَصُدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ فَسَيُنْفِقُونَها ثُمَّ تَكُونُ عَلَيْهِمْ حَسْرَةً ثُمَّ يُغْلَبُونَ﴾.
ووقعت الغزوة وكانت الغلبة لجانب المسلمين حيث أن أمير المؤمنين عليه السلام قتل حاملي لواء قريش وتراجعت فلما رأى الجماعة الذين جعلهم النبي (ص) أعلى الجبل فرار المشركين ظنوا أن المعركة قد حسمت وتركوا أماكنهم ليغنموا مع المقاتلين، فلما رأى "خالد بن الوليد" قلة الجنود على الثغرة، وأن ظهورهم أصبحت خالية، وخلاء الجبل، صاح في خيله، فمر بهم، وتبعه عكرمة في جماعة، فحملوا على من بقي في الثغرة، فقتلوهم جميعاً، ثم حملوا على المسلمين من خلفهم .
ورأت قريش المنهزمة عودة رجالها للحرب، فعادوا للحرب من جديد، ولم يستطع المسلمون مقاومة هذه الحملة الضاربة من الخلف وبقي رسول الله صلى الله عليه وآله ثابتا في مركزه وعلي عليه السلام يدفع عنه الكتائب.
وفي ظل اشتداد القتال، وهروب أصحاب الرسول ص، كان "وحشي بن حرب" يراقب "حمزة بن عبد المطلب" عم رسول الله ص، من خلف شجرةٍ أو حجر، فأتاه من ورائه، فدفع عليه حربته، فأصابته، فأقبل حمزة نحوه، فغلب، فوقع، فلما استشهد، جاءه وحشي وأخذ حربته .
وبعد استشهاد حمزة، أتت "هند بنت عتبة"، فمثلت به، وجدعت أنفه، وقطعت أذنيه ومذاكيره، ثم جعلت ذلك كالسوار في يدها، وقلائد في عنقها، وبقرت بطنه واستخرجت كبده فلاكتها، فلم تستطع أن تستغيثها.
حين انهزم وفرّ الناس، غضب رسول الله صلی الله عليه وآله وسلم، ونظر إلى جنبه، فإذا بأمير المؤمنين علي عليه السلام، فقال له: "ما لك لم تلحق ببني أبيك؟! . فقال له علي عليه السلام: يا رسول الله، أكفر بعد إيمان؟! إن لي بك أسوة".
فنزل جبرائيل عليه السلام، فقال: "يا محمد، إن هذه المواساة، لقد عجبت الملائكة من مواساة هذا الفتى! فقال ص: وما يمنعه، وهو مني وأنا منه؟! فقال جبرائيل: وأنا منكما" . ثم سمع منادٍ من السماء:
لا سيف إلا ذو الفقار ولا فتى إلا عليّ'
فُسئل رسول الله ص عنه، فقال: هذا جبرائيل .