ومضة من حياة الشيخ حسين الحلي
الشيخ مرتضى الساعدي
عندما نتكلم عن الورع والتقوى والإخلاص والزهد يكون اول من نتكلم عنه هم الانبياء والاوصياء لان هذه الشخصيات قد اصطفاها الباري سبحانه وتعالى وعلم منها الاخلاص له تعالى فاكرمها بالعصمة لانهم حتى لو لم يكونوا معصومين ذاتا من الله تعالى فانهم لم يعصوه بل لم يفكروا بمخالفته للعلم الذي وصل عندهم الى درجة اليقين بعظمة المولى من جهة وبكون الذنوب لا تعود الا على صاحبها بالاسى والحرمان والاضرار الدنيوي والاخروي، وامتدادا لهذه الثلة والصفوة المختارة والذين يرثونهم هم العلماء الصلحاء الذين حملوا رسالة الانبياء على ظهورهم مضحين بكل شيء ومعرضين عن حطام الدنيا الذي يرونه حطاما ويراه غيرهم قمة اللذة والسعادة بل يتكالبون عليه ويقتل بعضهم بعضا ويظلم بعضهم البعض. لكن هؤلاء العلماء بذلوا نفوسهم للدين مقدمين دين الله على كل شيء.
اذن فهم في مرتبة عظيمة لا يعرفها ألا الله سبحانه وتعالى، ولا يبالون بعدها عرفهم الناس ام لم يعرفهم المهم عندهم معرفة الله بهم وتدوينهم بسجل خدمة الدين الذي افنوا أجمل ساعات حياتهم في الدرس والتدريس واعرضوا عن ما يتمتع به غيرهم وان كان مباحا ولكن نفوسهم تشكوا منهم النصب لان النفس ميالة للهوى والملذات التي يراها هؤلاء زائلة ونفوسهم لا ترضخ لذلك بسهولة ولكنهم يؤدبونها ويروضونها طلب للسعادة المجهولة وهي الجنة وما هو اكبر من الجنة الا وهو رضوان الله تعالى كما قال سبحانه (وَرِضْوَانٌ مِنَ اللَّهِ أَكْبَرُ) الآية 72 التوبة.
والشيخ حسين النجفي من هذا اللفيف المخلص لربه والمنقطع أليه رغم إن الناس الذين هم غير الأوساط العلمية تجهل أمثال الشيخ الجليل وغيره من الذين كانوا جبالاً رواسياً وقمماً عالية في العلم والتقوى وحمل الرسالة المحمدية وايصالها للناس ولكنهم في السماء معروفون يفاخر بهم الباري سكان سماواته فيقول لهم: انظروا يا ملائكتي ويا سكان سماواتي الى فلان عبدي كيف اجهد نفسة في سبيل ايصال الدين وهداية خلقي، اذن فهم معروفون بالسماء مجهولون بالأرض فلا يبالون إن قربهم الله سبحانه وتعالى إليه اجهلهم الناس ام لم يجهلوهم فمطلبهم الوحيد هو رضوان الله تعالى.
والشيخ حسين الحلي الذي نتكلم عنه كان كذلك وكان من كبار علماء العصر في النجف الاشرف ولد في حدود 1309 ونشأ على يد ابيه الجليل (الشيخ علي بن حسين الحلي) وقرأ المقدمات على يد جملة من الافاضل وكانت عمدة تلمذته في الفقه والاصول على يد الحجة الشيخ النائيني (قدس سره) فقد حضر درسه لسنين طويلة حتى نبغ نبوغا باهرا وبرز بين أقرانه متميزا بغزارة الفضل ودقة النظر، تــوفي (قدس سره) عام 1394في النجف الاشرف وكان يلقي البحث الخارج في الأصول في مقبرة أستاذه النائيني (قدس سره) في الصحن العلوي الشريف وكان يحضر بحثه جملة من الأفاضل في ذلك العصر ومن ابرزهم المرجع الديني الاعلى سماحة السيد علي السيستاني (دام ظله) وسماحة السيد محمد سعيد الحكيم (دام ظله) وغيرهم من العلماء والفضلاء.
وكان سماحة الشيخ الحلي (قدس سره) متعاونا بشكل كبير مع المرجع الإمام محسن الحكيم (قدس سره) وكان متواضعا إلى ابعد الحدود فكان يجلس مقابل صحن الأمام (عليه السلام) ويدعوا ربه ويناجي أمير المؤمنين فكان من يراه ولم يعرفه يحسبه محتاجا فيلقون إليه الأموال وهو لا يرفضها يلقونها في احضانه وعندما يتم مناجاته يجمعها ويوزعها على الفقراء الجالسين قرب الصحن الشريف وله بحوث فقهيه كتبها السيد عز الدين بحر العلوم بعنوان (بحوث فقهية من محاضرات اية الله العظمى الشيخ حسين الحلي) (قدس سره).