مناسبات الشهر
مناسبات شهر شوال 1 شوال عيد الفطر المبارك. هلاك عمرو بن العاص في مصر سنة (41هـ).   3 شوال معركة الخندق سنة (5هـ) على رواية. هلاك المتوكل العباسي بأمر ابنه المنتصر سنة (247هـ).   4 شوال غزوة حنين سنة (8هـ) على رواية. ضُربت فيه السكة (النقود) باسم الإمام الرضا (ع) سنة (201هـ). وفاة الشيخ حسين الحلي (قد) سنة (1394هـ).   5 شوال خروج أمير المؤمنين (ع) من النُّخيلة متوجهاً إلى صفين لمواجهة معاوية سنة (36هـ). وصول مبعوث الامام الحسين (ع) مسلم بن عقيل الى الكوفة سنة (60هـ).   6 شوال رد الشمس لأمير المؤمنين (ع) ببابل سنة (36هـ) بعد رجوعه من قتال الخوارج. خروج أول توقيع من الإمام المهدي (ع) إلى سفيره ونائبه الثالث الحسين بن روح النوبختي (رض) سنة (305هـ).   8 شوال الهدم الثاني لمراقد البقيع الطاهرة من قبل الوهّابيين سنة (1344هـ/ 1924م).   12 شوال وفاة الشيخ البهائي (قد) سنة (1030هـ).   13 شوال وفاة السيد حسين البروجردي (قد) سنة (1380هـ).   14 شوال هلاك عبد الملك بن مروان بن الحكم بدمشق سنة (86هـ). وفاة السيد عبد العظيم الحسني (رضوان الله عليه) سنة (252هـ). وفاة الشيخ قطب الدين الراوندي (قد) سنة (573هـ).   15 شوال معركة احد وشهادة حمزة سيد الشهداء (ع) سنة (3هـ). رد الشمس للإمام أمير المؤمنين (ع) في المدينة المنورة في مسجد الفضيخ والمعروف بمسجد رد الشمس سنة (3هـ). غزوة بني القنيقاع سنة (2هـ).   16 شوال وفاة الشيخ عبد الله المامقاني (قد) سنة (1351هـ).   17 شوال غزوة بني سليم سنة (2هـ). وفاة أبي الصلت الهروي (رض) بعد خروجه من سجن المأمون سنة (203هـ).   18 شوال وفاة الشيخ محمد بن إدريس بن أحمد الحلي (ره) المعروف بـ(ابن إدريس) سنة (598هـ). 19 شوال   20 شوال القبض على الإمام موسى بن جعفر الكاظم (ع) وترحيله من المدينة إلى العراق قسراً وحبسه بأمر هارون العباسي سنة (179هـ).   23 شوال وفاة السيد نعمة الله الجزائري (قد) سنة (1112هـ).   25 شوال شهادة الامام جعفر بن محمد الصادق (ع) سنة (148هـ).   27 شوال خروج النبي الأكرم (ص) الى الطائف لدعوتهم الى الإسلام.   29 شوال وفاة الشيخ الوحيد البهبهاني (قد) سنة (1205هـ).

الوضع

الشيخ وسام الخاقاني

 

مقدمة

بسم الله الرحمن الرحيم

      الصلاة والسلام على اشرف المرسلين وخاتم النبيين وسيد الكونين أبي القاسم محمد المصطفى وعلى اله الطيبين الطاهرين، واللعنة الدائمة على أعدائهم أجمعين إلى قيام يوم الدين.

      أما بعد:

      يعتبر علم أصول الفقه ركناً محورياً في الدراسات الفقهية، فهو كالرياضيات في العلوم الأكاديمية، فكما لا يكون الطبيب طبيباً ولا المهندسُ مهندِساً من دون أن يعرِفَ الحساب ويجيد حل المعادلات فكذلك علم الأصول لا يكون الفقيه فقيهاً من دون أن يفهم علم الأصول، ومن هنا بات علم الأصول القاعدة الأساس التي تبتني عليها الدراسات الفقهية في الحوزة العلمية والجامعات الأكاديمية لاسيما كليات الشريعة.

      لذا فهو من أهم العلوم الإسلامية وأغلاها، ولما لم يكن باب الاجتهاد مغلوق كثرت المؤلفات في هذا العلم وتنوعت على ما هي عليه الآن.

      ولا نشك أن بذرة التفكير الأصولي وجدت لدى فقهاء أصحاب الأئمة (عليهم السلام) منذ أيام الصادقين (عليهما السلام)، فقد ذكر أن هشام بن الحكم المتوفى سنة (199هجري) صنف كتاب (الألفاظ ومباحثها) ثم يونس بن عبدالرحمن صنف كتاب (اختلافِ الحديث ومسائله)، بل هناك أحاديث لأهل البيت (عليهم السلام) أشارت إلى بعض الأصول العملية كأصل البراءة فقد اخرج الشيخ الكليني (رضوان الله تعالى عليه) في كتابه أصول الكافي (ج1باب حجج الله على خلقه ح3) بإسناده عن الحسن زكريا بن يحيى عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال (ما حجب الله عن العباد فهو موضوع عنهم)، وكذلك ما ورد في أصالة الحلية فقد اخرج الشيخ الصدوق (رضوان الله تعالى عليه) في كتابه من لا يحضره الفقيه ج3 باب الصيد والذباحة عن عبد الله بن سنان قال: قال الإمام أبو عبد الله (عليه السلام): (كل شيء يكون فيه حلال وحرام فهو لك حلال ابداً حتى تعرف الحرام فيه بعينه فتدعه)، وهكذا بقية الأصول.

      وعلى هذا ألّف الأصحاب الكثير من الكتب الأصولية مثل أبي سهل النوبختي إسماعيل بن علي بن إسحاق من أهل القرن الثالث الهجري، وابن الجنيد والشيخ المفيد والسيد المرتضى والشيخ الطوسي وغيرهم واستمر التأليف على مدى القرون إلى ما وصلت عليه الآن، وان دل على شيء إنما يدل على مدى أهمية هذا العلم في عملية استنباط الحكم الشرعي بل له فوائد أخرى غير عملية الاستنباط فأن الدارس لهذا العلم تكون قراءته في فهم النصوص ليست قراءة سطحية بل قراءة تحليلية للوصول إلى الحق من الأدلة، فيتحول الطالب من متلقٍ إلى محلل ومن مستمع إلى متفقه وبالتالي إلى مبدع لما يبتكره من أفكارٍ جديدة، وكذلك الدارس لهذا العلم  دراسة متقنة تحصل له القدرة في حل التعارض الحاصل بين الأدلة بواسطة الجمع بينها بحيث لا يستوجب الأمر ترك دليل على حساب أخر. ومن هنا تصبح دراسة علم الأصول أكثر من ضروري لكل طالب لا سيما طلبة العلوم الدينية.

 

      فكرة البحث

      إن هذا البحث عبارة عن سلسة أبحاث متعددة في علم أصول الفقه مرتبة على شكل أجزاء وأبواب والمنهجية التي اعتمدتها في ترتيب هذه الأجزاء والأبواب واختيار المواضيع هي نفس المنهجية الموجودة في كتاب أصول الفقه للشيخ المجدد محمد رضا المظفر (قدس سره)، فالعنوان الذي يقع موضوعاً للبحث يتم اختياره من كتاب أصول الفقه للشيخ المظفر (قدس سره) ولا تعتبر هذه الأبحاث شرحاً له.

      ولكن قد تمر بعض المسائل اذكر فيها رأي الشيخ المظفر وذلك لأمرين، الأول إن هذا الرأي قد لا يكون صريحاً من الشيخ المظفر لكن من خلال القرائن الموجودة يمكننا معرفة رأي المصنف، والأمر الثاني المنزلة التي يمتاز بها هذا الكتاب الذي أصبح من الكتب الأساسية التي تدرس في الحوزات العلمية.

      هذا واسأل الله تعالى ان يوفقني الاستمرار في كتابة هذه الأبحاث ليكون فيها لمحمد وآل محمد رضا ولنا أجراً وثواب.

 

المقدمة

      لما كان تشخيص الظهورات متفرعاً على دلالة اللفظ على المعنى ناسب التعرض لبعض المباحث اللغوية ولا سيما بعد عدم استيفاء البحث عنها في العلوم الأدبية ليستغني به الباحث في الأصول عن ذكرها في المقام. وفيها عدة أبحاث أولها:

الوضع

      إن في كل لغة من اللغات توجد علاقة بين مجموعة من الألفاظ ومجموعة من المعاني يتفرع على هذه العلاقة دلالة اللفظ على المعنى حيث يرتبط كل لفظ بمعنى خاص ارتباطاً يجعلنا كلما تصورنا اللفظ تصورنا المعنى. والسؤال المهم هنا عن منشأ هذه العلاقة وكيفية تكونها؟ وللإجابة عن هذا السؤال يذكر عادةً في علم الأصول اتجاهان ومن ثم يختارون الاتجاه الصحيح:

      الاتجاه الأول: يقوم على أساس من الاعتقاد بان علاقة اللفظ بالمعنى نابعة من طبيعة ذاته أي أن دلالة اللفظ على معناه دلالة ذاتية محضة، بحيث يفهم من اللفظ معناه المخصص له بلا توسط شيء أخر في البين وبهذا القول تخرج الدلالة اللفظية من الدلالة الوضعية إلى الدلالة العقلية ذلك لان اللفظ يعتبر دال والمعنى مدلول عليه والعلاقة بينهما علاقة ذاتية كعلاقة الأثر والمؤثر.

      وذكر صاحب الفصول (قدس سره) أن عباد بن سليمان وهو من أوائل المعتزلة وأصحاب التكسير ذهبوا إلى القول بان العلاقة بين اللفظ والمعنى علاقة ذاتية ولعل الذي دعاهم لهذا القول هو (انه يمكن أن يقال أن الواضع عندما يختار اللفظ الخاص للمعنى المخصوص لا بد من مرجح دعاه لهذا الاختيار لعدم أمكان الترجيح بلا مرجح).

      الاتجاه الثاني: أنكر أن تكون هنالك علاقة ذاتية بين اللفظ والمعنى وقالوا ببطلانه لشهادة الوجدان على عدم انسباق المعنى من اللفظ عند الجاهل بالوضع، فمثلاً غير العربي عندما يسمع لفظة (ماء) لا ينسبق إلى ذهنه ذلك السائل لأنه يجهل بالمعنى الذي وضع له اللفظ فان دل هذا على شيء إنما يدل على أن العلاقة التي بين اللفظ والمعنى ليست من قبيل علاقة الأثر والمؤثر التي لا تختلف ولا تتخلف كعلاقة ضوء النهار والشمس حيث ينتقل ذهن العربي وغير العربي الى وجود الشمس عند رؤية ضوء النهار.

      أذن هذا الاتجاه أنكر أن تكون العلاقة ذاتية ويرى أن العلاقة ما بين اللفظ والمعنى ناشئة من سبب خارجي وهو وضع الواضع أو من كثرة الاستعمال كما سيأتي. ولكن أصحاب هذا الاتجاه حصل بينهم اختلاف في تحديد من هو الواضع وكذلك بتفسير نوع العلاقة الحاصلة بين اللفظ والمعنى.

 

من هو الواضع

      بعد أن انتهى الكلام بان العلاقة بين اللفظ والمعنى كانت بسببٍ خارج عن ذاتهما -وهذا السبب هو الوضع أو كثرة الاستعمال- وقع الكلام في تحديد الواضع وقد ذكروا نظريتين في تحديده وهما:

      الأولى: أن يكون الواضع هو واحد في كل لغة قد وضع بعض الألفاظ ومن ثم تطورت اللغة إلى أن وصلت ما هو عليه الآن، ويحكى أن أول مخترع للغة العرب هو قحطان بن يعرب.

      الثانية: إن الواضع هو الله تعالى ويذكر السيد الخوئي (قدس سره) في أجود تقريراته ما نصهُ (إن الله تبارك وتعالى هو الواضع الحكيم لكل معنى لفظاً مخصوصاً باعتبار مناسبة بينهما مجهولة عندنا وجعله هذا واسطة -حالة وسط- بين الجعل التشريعي والتكويني أي انه جعلٌ متوسط فلا هو تكويني محض ولا تشريعي صرف حتى يحتاج إلى تبليغ نبي أو وصي) وذكر أيضاً المحقق محمد علي الكاظمي (قدس سره) في كتابه (فوائد الأصول ج1) ما نصهُ:

       (فلابد من انتهاء الوضع إليه تعالى الذي هو على كل شي قدير وبه محيط ولكن ليس وضعه تعالى للألفاظ كوضعه للأحكام على متعلقاتها وضعاً شرعياً، ولا كوضعه الكائنات وضعاً تكوينياً، إذ ذلك مما يقطع بخلافه بل المراد من كونه تعالى هو الواضع، أن حكمته البالغة لما اقتضت تكلم البشر بإبراز مقاصدهم بالألفاظ فلابد من انتهاء كشف الألفاظ لمعانيها إليه تعالى شأنه بوجهٍ إما بوحي منه إلى نبي من أنبيائه أو بالهامٍ من إلى البشر أو بإيداع ذلك في طباعهم بحيث صاروا يتكلمون ويبرزون المقاصد بحسب فطرتهم، حسب ما أودعه الله تعالى في طباعهم ومن المعلوم أن إيداع لفظٍ خاص لتأدية معنى مخصوص لم يكن باقتراح صرف وبلا موجب بل لا بد من أن يكون هناك جهة اقتضت تأدية المعنى بلفظه المخصوص على وجهٍ يخرج عن الترجيح بلا مرجح ولا يلزم أن تكون الجهة راجعة إلى ذات المعنى).

      النظرية الثانية اختارها بعض العلماء واستدلوا عليها بأنه لو كان الواضع شخص لنقل التأريخ لنا اسمه لأهمية هذه المسألة حيث نجد بعض الأمور البسيطة لم تهُمل بل ذُكِرت في كتب التاريخ مثل بعض الحروب التي وقعت بين القبائل، أو بعض الأبيات الشعرية وغيرها وأيضاً إننا نجد أن المعاني لا تعد ولا تحصى فيستحيل على الواضع أذا كان شخصاً أن يحيط بهذه المعاني الكثيرة ويضع لها ألفاظاً. وبعض العلماء حاول أن يدعم هذه النظرية بآيات قرآنية وروايات عن أهل البيت (عليهم السلام)، واستشهدوا بقصة ادم (عليه السلام) عندما تكلم مع الله تبارك وتعالى وكلامه مع الملائكة أيضاً ومع الشيطان فيظهر من هذا انه توجد لغة كافية لبيان الأمور بصورة منظمة، هذا ما ذهب إليه سماحة السيد محمد سعيد الحكيم (دام ظله) في محكم أصوله.

      ولكن هذه النظرية لم يقبلها بعض العلماء فيرونَ أن البشرية في بداية الخليقة كانوا أعداداً قليلة والمعاني الكثيرة في هذا الزمان لم تكن موجودة في وقتهم بل كانت قليلة جداً فوضعوا لها ألفاظاً ومن ثم تكاثرت البشرية واختلفت اللغات وتطورت بمرور الزمن.

 

العلاقة بين اللفظ والمعنى

      بعد أن أنكر علماء الأصول أن تكون العلاقة بين اللفظ والمعنى علاقة ذاتية، اتفقت كلماتهم على أن العلاقة ناشئة بسبب خارج عن ذاتهما، ولكن وقع النزاع في تفسير هذه العلاقة الحاصلة بين هذين الشيئين المختلفين تمام الاختلاف فاللفظ شيء والمعنى شيء آخر.

      والنقطة المهمة التي يجب الانتباه إليها هي أن الوضع تارة يطلق ويراد منه المعنى المصدري أي نفس عملية الوضع التي يقوم بها الواضع، وبهذا المعنى يكون الوضع من مقولة الفعل، ويطلق أخرى ويراد منه اسم المصدر أي النتيجة الحاصلة من فعل الواضع وهي العلاقة والملازمة التي حصلت بين اللفظ والمعنى، وبهذا يكون الوضع من مقولة الانفعال.

      واعتقد أن الوضع بمعناه المصدري ليس محل الخلاف الذي اشرنا إليه، ولكن الاختلاف وقع في أن هذا الوضع هل ينتج عنه اختصاص، أم اقتران، أم تعهد، أم علاقة الهوهوية.

      ونذكر أهم هذه الأقوال في تفسير هذه العلاقة:

القول الأول: علاقة الهوهوية.

القول الثاني: علاقة التعهد.

القول الثالث: علاقة الاختصاص.

القول الرابع: علاقة الاقتران.

      وبشيء من الاختصار نبين هذه الأقوال ومن ذهب إليها:

      القول الأول: علاقة الهوهوية، وهو ما ذهب إليه المحقق الخواجة نصير الدين الطوسي (قدس سره) في شرح منطق الإشارات حيث يرى أن الوضع هو عبارة عن اعتبار وجود اللفظ وجوداً تنزيلياً للمعنى فهو هو في عالم الاعتبار وان لم يكن كذلك حقيقة.

      القول الثاني: علاقة التعهد، وهو ما ذهب إليه المحقق الشيخ ميرزا حبيب الله الرشتي (قدس سره) كما في كتابه بدائع الأفكار حيث قال (انه لا يعقل جعل العلاقة بين الأمرين اللذين لا علاقة بينهما أصلاً والذي يمكن تعقله هو أن يلتزم الواضع انه متى أراد وتعقله وأراد إفهام الغير تكلم بكذا ...)

      القول الثالث: وهو ما ذهب إليه المحقق صاحب الكفاية (قدس سره).

      القول الرابع: علاقة الاقتران، وهو اختيار الشهيد السيد محمد باقر الصدر (قدس سره) حيث فسر العلاقة التي بين اللفظ والمعنى بالاقتران وفقاُ لقانون عام من قوانين الذهن البشري وهو أن كلَ شيئين إذا اقترن تصور احدهما مع تصور الأخر في ذهن الإنسان مراراً عديدة ولو على سبيل الصدفة قامت بينهما علاقة وأصبح احد التصورين سبباً لانتقال الذهن إلى تصور الأخر.

      تقريباً هذه أهم الأقوال في تفسير حقيقة العلاقة القائمة بين اللفظ والمعنى.

والملاحظة المهمة التي يجب الانتباه إليها أن بعض علماء الاصول يطلق الوضع ويريد به الاسم المصدري أي العلاقة الحاصلة بين اللفظ والمعنى والتي هي اثر من اثأر وضع الواضع أو من لوازم الوضع على اختلاف الأقوال، فمثلاً صاحب الكفاية (قدس سره) عندما عرف الوضع قال هو (نحو اختصاص اللفظ بالمعنى) ولا شك إن الاختصاص ليس هو الوضع بل هو اثر من أثار الوضع وبالتالي يكون محل إشكال، ومن هذه الإشكالات هو أن الوضع بهذا المعنى لا يصح تقسيمه إلى الوضع التعيني والوضع التعييني لان الوضع التعيني ليس فيه وضع بل هو ناشئ من كثرة الاستعمال فكيف يكون من أقسام الوضع، ولعل المستشكل لم يلتفت إلى أطلاقات الوضع بمعنييهِ المصدري واسم المصدر، وبعض العلماء عرفوا الوضع بمعناه المصدري كالسيد الخميني (قدس سره) فقال (هو جعل اللفظ للمعنى وتعيينه للدلالة عليه)، أو( هو عبارة عن جعل اللفظ بإزاء المعنى وتخصيصه به) كما عرفه الشيخ المجتهد محمد رضا المظفر (قدس سره).

      فائدة

      إن الشيخ محمد رضا المظفر (قدس سره) لم يشر الى نوع العلاقة الحاصلة من الوضع لكن يمكن معرفة رأيه من خلال بعض القرائن التالية: انه استخدم كلمة التخصيص والاختصاص في مواضع، فمثلاً في أول مباحث الوضع عندما تكلم عن حقيقة الوضع حيث أنكر العلاقة الذاتية بين اللفظ والمعنى ذكر في آخر كلامه أن دلالة الألفاظ على معانيها لا تكون إلا بالجعل والتخصيص، وفي مبحث (من هو الواضع) قال: وعليه تكون حقيقة الوضع هو جعل اللفظ بإزاء المعنى وتخصيصه به، وفي مبحث الوضع التعيني والتعييني عندما بين الوضع التعيني ذكر ان الدلالة فيه تنشأ من اختصاص اللفظ بالمعنى وهذا الاختصاص  يحصل من كثرة الاستعمال. إذن من خلال هذه القرائن يمكن أن نقول انه يرى أن العلاقة هي علاقة الاختصاص.

 

الوضع اللتعيني والتعييني

      إن العلاقة التي بين اللفظ والمعنى تارة تحصل بسبب وضع الواضع وهذا ما يعبر عنه بالوضع التعييني، وتارة تحصل من كثرة استعمال اللفظ في غير المعنى الذي وضع له اللفظ، كاستعمال لفظ جعفر كأسم علم بينما هو موضوع للنهر الصغير وهذا ما يعبر عنه بالوضع التعيني. والملاحظ هنا ان الوضع التعيني أنما ينشأ من كثرة الاستعمال ولا يوجد فيه أي وضع فكيف صار قسماً من أقسام الوضع؟ وما هو الجامع بينه وبين القسم الأخر؟

      وللجواب على هذا السؤال أقول: انه قد ذكرنا سابقاً أن الوضع له استخدامان الأول يراد به نفس عملية الجعل والثاني يراد منه العلاقة الحاصلة بين اللفظ والمعنى والوضع الذي وقع مقسماً لهذين القسمين هو الوضع بمعنى اسم المصدر لذا فيصح أن نجعل المقسم هو (العلاقة التي بين اللفظ والمعنى) تنقسم إلى العلاقة الناشئة من الجعل والتخصيص والى العلاقة الناشئة من كثرة الاستعمال.

 

 

 

 

عن أبي عبد الله عليه السلام قال: طلب العلم فريضة.                                                                                                                                                            الكافي

الفيديو

دور التربويين في تحقيق غاية الدين - شيخ ستار الدلفي
2019 / 03 / 24 4580

دور التربويين في تحقيق غاية الدين - شيخ ستار الدلفي

أخر الأخبار

الصوتيات

2018/3/15

سورة الفرقان

2018/3/15

سورة النور

2018/3/15

سورة المؤمنون

2018/3/15

سورة الحج



الصور