مناسبات الشهر
مناسبات شهر شوال 1 شوال عيد الفطر المبارك. هلاك عمرو بن العاص في مصر سنة (41هـ).   3 شوال معركة الخندق سنة (5هـ) على رواية. هلاك المتوكل العباسي بأمر ابنه المنتصر سنة (247هـ).   4 شوال غزوة حنين سنة (8هـ) على رواية. ضُربت فيه السكة (النقود) باسم الإمام الرضا (ع) سنة (201هـ). وفاة الشيخ حسين الحلي (قد) سنة (1394هـ).   5 شوال خروج أمير المؤمنين (ع) من النُّخيلة متوجهاً إلى صفين لمواجهة معاوية سنة (36هـ). وصول مبعوث الامام الحسين (ع) مسلم بن عقيل الى الكوفة سنة (60هـ).   6 شوال رد الشمس لأمير المؤمنين (ع) ببابل سنة (36هـ) بعد رجوعه من قتال الخوارج. خروج أول توقيع من الإمام المهدي (ع) إلى سفيره ونائبه الثالث الحسين بن روح النوبختي (رض) سنة (305هـ).   8 شوال الهدم الثاني لمراقد البقيع الطاهرة من قبل الوهّابيين سنة (1344هـ/ 1924م).   12 شوال وفاة الشيخ البهائي (قد) سنة (1030هـ).   13 شوال وفاة السيد حسين البروجردي (قد) سنة (1380هـ).   14 شوال هلاك عبد الملك بن مروان بن الحكم بدمشق سنة (86هـ). وفاة السيد عبد العظيم الحسني (رضوان الله عليه) سنة (252هـ). وفاة الشيخ قطب الدين الراوندي (قد) سنة (573هـ).   15 شوال معركة احد وشهادة حمزة سيد الشهداء (ع) سنة (3هـ). رد الشمس للإمام أمير المؤمنين (ع) في المدينة المنورة في مسجد الفضيخ والمعروف بمسجد رد الشمس سنة (3هـ). غزوة بني القنيقاع سنة (2هـ).   16 شوال وفاة الشيخ عبد الله المامقاني (قد) سنة (1351هـ).   17 شوال غزوة بني سليم سنة (2هـ). وفاة أبي الصلت الهروي (رض) بعد خروجه من سجن المأمون سنة (203هـ).   18 شوال وفاة الشيخ محمد بن إدريس بن أحمد الحلي (ره) المعروف بـ(ابن إدريس) سنة (598هـ). 19 شوال   20 شوال القبض على الإمام موسى بن جعفر الكاظم (ع) وترحيله من المدينة إلى العراق قسراً وحبسه بأمر هارون العباسي سنة (179هـ).   23 شوال وفاة السيد نعمة الله الجزائري (قد) سنة (1112هـ).   25 شوال شهادة الامام جعفر بن محمد الصادق (ع) سنة (148هـ).   27 شوال خروج النبي الأكرم (ص) الى الطائف لدعوتهم الى الإسلام.   29 شوال وفاة الشيخ الوحيد البهبهاني (قد) سنة (1205هـ).

(السيرة العقلائية) منشأها، حجيتها

الشيخ مرتضى الساعدي

 

بسم الله الرحمن الرحيم

وبه تعالى نستعين وصلى الله على محمد واله الطيبين الطاهرين

 

تمهيد

      إن من الابحاث الاصولية الهامة التي لم يعقد لها المزيد من البحث والاستدلال ولم يفرد لها عنوانا مستقلا بل اكتفى جل اهل العلم بالكلام عنها متناثرا في مطاوي ابحاثهم والمفروض ان يعقد لها بابا منفردا لهي السيرة العقلائية واكتفى الكثير من الاصوليين  بالإشارة العابرة لها دونما تركيز وعمق للمسألة والحال انها تستحق البحث لأنها في واقع الحال الحجة على الكثير من الحجج اصوليا وفقهيا بل قد ترجع جميع الادلة المذكورة في باب ما الى بناء العقلاء وسيرتهم كما فعل السيد البروجردي (قده) في تقرير بحثه فأنه ارجع جميع ادلة خبر الثقة حتى الآيات الدالة الى بناء العقلاء فراجع.[1]

       ولأهمية هذا الموضوع ارتئينا ان نعقد هذا البحث المتواضع لعله يكون بوابة في المستقبل لمزيد من الابحاث المهمة في هذا المجال.

 

      تعريفها:

      السيرة لغة: هي الطَّرِيقَةُ يقال: سارَ الوالِي في رَعِيَّتهِ سِيرَةً حَسَنَةً وأَحْسَن السِّيَرَ وهذا في سِيَرِ الأَوّلِينَ[2]، وقد ذكر ارباب اللغة بان السيرة هي الطريقة او السنة وان السنة هي الطريقة او السيرة قال في المصباح والسُّنَّةُ الطَّرِيقَةُ وَالسُّنَّةُ السِّيرَةُ حَمِيدَةً كَانَتْ أَوْ ذَمِيمَةً وَالْجَمْعُ سُنَنٌ مِثْلُ: غُرْفَةٍ وَغُرَفٍ.[3]

      اما اصطلاحا فهي صدور سلوك معين عن العقلاء تجاه واقعة ما صدورا تلقائيا، ويتساوون في صدورهم عن هذا السلوك على اختلاف في أزمنتهم وأمكنتهم، وتفاوت في ثقافتهم ومعرفتهم، وتعدد في نحلهم وأديانهم. وأمثلته كثيرة منها: صدور العقلاء جميعا عن الاخذ بظواهر الكلام، وعدم التقيد بالنصوص القطعية منه، على نحو يحمل بعضهم بعضا لوازم ظاهر كلامه، ويحتج به عليه، ومنها: صدور العقلاء جميعا عن الرجوع إلى أهل الخبرة فيما يجهلونه من شؤونهم الحياتية وغيرها فالمريض يرجع إلى الطبيب، والجاهل يرجع إلى العالم، وهكذا.[4]

 

      منشأها:

    قال الميرزا النائيني (قده) في الفوائد بأنه لا إشكال في اعتبار الطريقة العقلائية وصحة التمسك بها، فان مبدأ الطريقة العقلائية لا يخلو: إما أن يكون لقهر قاهر وجبر سلطان جائر قهر جميع عقلاء عصره على تلك الطريقة واتخذها العقلاء في الزمان المتأخر طريقة لهم واستمرت إلى أن صارت من مرتكزاتهم، وإما أن يكون مبدئها أمر نبي من الانبياء بها في عصر حتى استمرت، وإما أن تكون ناشئة عن فطرتهم المرتكزة في أذهانهم حسب ما أودعها الله تعالى في طباعهم بمقتضى الحكمة البالغة حفظا للنظام.[5] ولا يخفى بعد الوجه الاول بل استحالته عادة، وكذا الوجه الثاني، فالمتعين هو الوجه الثالث.

      فقد ذكر المحقق النائيني (قده) بأن منشأ السيرة العقلائية من ثلاث موارد لا غير وهي:

      اولا: وجود سلطان جائر جبر الناس على قانون ما وساروا عليه اجيالا حتى صار هذا القانون هو المتصرف به واستقر البناء عند العقلاء على هذا.

      ولكنه استبعد هذا الوجه وجعله من المستحيل العادي وقوعا، ونقول ان هذا الوجه ليس من المستبعد وقوع السيرة بسببه لاننا نعرف بأن الارض كل الارض او معظمها وقع في قبضة السلطان الجائر مرارا وكرارا كما نص عليه المؤرخون وان الانبياء والاوصياء (صلوات الله عليهم) عندما كان الدور لهم لم يكونوا بمعرض الانكار والتغيير ليس لانهم لا يستطيعون ذلك -لانه ليس مقصودنا الانكار او الردع الحكومي بل الردع التشريعي او البياني ان صح تعبيرنا وكان هذا بمقدورهم ولو بإخبار الخواص- بل لان المجتمع لما سار على هذه السيرة وترسخت فيهم فليس من السهل تغييرها كأحكام الرق والعبودية وارتكاب بعض المنكرات كشرب الخمر او تزوج نساء الاباء وغيرها لذلك جرى الاسلام على تدريجية الاحكام شيئا فشيئا كما هو معلوم ,وهذا لا يعني صحتها بل لصعوبة التغيير وبالتالي فأن المفسدة في ذلك اعظم، قال الله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَسْأَلُوا عَنْ أَشْيَاءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ وَإِنْ تَسْأَلُوا عَنْهَا حِينَ يُنَزَّلُ الْقُرْآَنُ تُبْدَ لَكُمْ عَفَا اللَّهُ عَنْهَا وَاللَّهُ غَفُورٌ حَلِيمٌ)[6] وفي المقام ذكر السيد الحكيم (دام ظله) في محضر درسة المبارك شاهدا على كلامنا في رواية عن الامام الرضا (عليه السلام) لم اعثر عليها لقصوري -بأنه قال لو صار الامر الي لا بقيت كل شيء في موضعه وعلى حاله- والحال ان الكثير من الامور لم تكن صحيحة بسبب تخبط الظالمين في ادارة شؤون الناس، اما بالنسبة لدور الامام الحجة صلوات الله عليه وعلى آبائه الطاهرين فهي قضية خاصة للقيام بالتغيير الجذري لاغلب الموازين السائدة.

      ثانيا: جعل المنشأ الثاني للسيرة هم الأنبياء (عليهم السلام)[7] ولكنه ايضا استبعد وقوعه وهو غريب منه لان الامر في غاية الوضوح اذا ان ادم (عليه السلام) كان نبيا وكان مجتمعة قليلا فيمكن ان يرسخ الكثير من المفاهيم التي يسير عليها بنوه وكذا الحال بالنسبة لنوح (عليه السلام) وعمره الطويل وخصوصا بعد الطوفان الذي اغرق الدنيا[8] وأن الذين كانوا معه عددا محصورا وكانوا من المؤمنين وكان هو نبيهم وقائدهم ومن الطبيعي ان يتأثروا به فيخط لهم بعض الامور حتى تكون سيرتهم عليها.

      ثالثا: الفطرة[9] التي فطر الناس عليها قال الله تعالى: (فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا فِطْرَةَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ)[10] لان الباري سبحانه وتعالى اودع في داخل الانسان امورا يمكن ان نعتبرها المقومات الاساسية له ولكن هذه الامور الفطرية ربما تغيرت واندرست بسبب عوامل متعددة منها العوامل التربوية والبيئية وغيرها قال تعالى: (لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ * ثُمَّ رَدَدْنَاهُ أَسْفَلَ سَافِلِينَ)[11]، ومن ثم استقرب هذا الوجه وجعل المعول عليه وذكر بأنه الوجه المتعين.

      رابعا: العقل: فأن العقل في مستقلاته قد يكون وجها للسيرة ومصدرا لانبعاثها، قال السيد البروجردي(قده) في حجية الظواهر بأن عمدة الدليل على حجية الظواهر بناء العقلاء الراجع إلى حكم العقل[12]، ومعنى ذلك ان بعض مصاديق السيرة العقلائية مرجعه العقل.

      خامسا: التباني: وهو تباني مجموعة من الناس من اهل الشأن او مؤسسة من المؤسسات كجمعية الامم المتحدة او حقوق الانسان مثلا على امر لتشريع قانون ما وتسير عليه الناس حتى يكون منشأً للسيرة العقلائية على مر السنين.

      سادسا: القوة الغضبية كضرب الاخ الاكبر للاصغر.

      سابعا: القوة الشهوية: كالنظر الى الاجنبية فأن العقلاء لا يرون التحرز عن النظر الى الاجنية من الامور التي لابد منها وان التعفف عن هذا انما يكون بسبب العامل الديني او الاجتماعي الذي يوجد عند البعض لا غير.[13]

 

      اقسامها[14]:

      انَّ السيرة العقلائية يمكن تقسيمها إلى ثلاثة أقسام:

      القسم الأول: السيرة العقلائيّة التي تنقح موضوع الحكم الشرعي ولا تشرع الحكم وانَّما يثبت الحكم بمقتضى إطلاق دليله من كتاب أو سنّة أو غيرها.

      وتنقيح موضوع الحكم الشرعي بالسيرة العقلائية يكون بأحد نحوين فالاول هو أن تكون السيرة العقلائيّة بنفسها منقحة ثبوتاً لفرد حقيقي من الموضوع كما إِذا لاحظنا دليل وجوب إمساك الزوجة بمعروف أو تسريحها بإحسان الَّذي دلّ على وجوب النفقة تحت عنوان الإمساك بمعروف فانَّ المعروف من العرف وهو الشائع والمستساغ. فإذا اقتضت السيرة والتعارف على أن تكون نفقة الزوجة في هذا الوقت مثلًا بنحو أتمّ وأكمل ممّا كان معروفاً بالنسبة لها في غابر السنين بحيث خرج ذلك الحدّ عن كونه معروفاً ومستساغاً نتيجة الاختلاف في الظروف الفكريّة أو الاقتصاديّة أو الاجتماعية فسوف يتوسّع صدق عنوان النفقة بمعروف عمّا كان عليه سابقاً فتجب هذه المرتبة منها ولا تكفي المراتب التي كانت كافية فيما سبق، وهذا بحسب الحقيقة من تدخل السيرة في تكوين موضوع الحكم الشرعي ثبوتاً توسعة أو تضييقاً.

      واما الثاني فهو أن تتدخل السيرة في تنقيح الموضوع إثباتاً وكشفاً لا ثبوتاً كما كان في النحو الأول. كما إِذا دلّ دليل على أن المؤمنين عند شروطهم واكتشفنا من تباني العقلاء وسيرتهم على خيار الغبن انَّهم لا يرضون في البيع والمعاوضة بفوات المالية وانَّما يرفعون اليد عن الخصوصيّة مع الحفاظ على المالية بما يساويها عرفاً في العوض فانَّ مقتضى ظهور حال كلّ إنسان على أنَّه يمشي حسب المقاصد العقلائية انَّه أيضا لا يرضى بذلك، وهذا كاشف نوعي عن انَّه يشترط على الآخر ضمناً بعدم تفاوت فاحش في المالية بين العوض والمعوض وإِلَّا فهو غير راض بالمعاوضة وتنفيذها.[15]

      ويترتّب على الفرق المذكور بين النحوين انَّه لو شذَّ إنسان عن السيرة وخرج عن مقتضاها فلن يؤثر ذلك في النحو الأول بل يبقى الحكم ثابتاً في حقّه أيضا لأنَّ انعقاد سيرة العقلاء من دونه قد أوجد فرداً حقيقيّاً من الموضوع فلا أثر لمخالفته وهذا بخلاف النحو الثاني الَّذي كان دور السيرة مجرّد الكشف عن قصده وشرطه فلو نصّ على مخالفته لهم في مورد معيّن كان ذلك رافعاً للحكم لكشفه عن عدم المنكشف بالسيرة في ذلك المورد والَّذي هو موضوع الحكم ثبوتاً فهذا الفرق يؤثّر في كيفيّة استنباط الفقيه الحكم على أساس كلّ من النحوين.

      وهذه السيرة بكلا نحويها يكون حجّة على القاعدة بلا حاجة إلى التماس دليل عليها لأنَّها تنقح موضوع الحكم الشرعي تنقيحاً حقيقيّاً امَّا ثبوتاً أو إِثباتاً ولهذا أيضا لا يتوقّف استناد الفقيه في عمليّة الاستنباط إِليها على إثبات انَّها كانت معاصرة لزمن صدور النصّ والتشريع لعدم دخل ذلك في الحكم الكلَّي المشرع، وانَّما اللازم ملاحظة وجودها في الزمن الَّذي يراد إثبات الحكم فيه فلو كانت موجودة في زمن التشريع ولكنها تبدّلت بعد ذلك لسقطت عن التأثير في مجال الاستنباط وهذا واضح.

      القسم الثاني: - السيرة التي تنقح ظهور الدليل وهذا يدخل تحته أعمال المناسبات العرفيّة والمرتكزات الاجتماعية المرتبطة بفهم النصّ فإنَّنا سوف نذكر في بحث الظواهر انَّ المرتكزات العرفيّة والعقلائيّة تتدخل أيضا في تكوين الظهور وانَّها تعتبر بمثابة القرائن اللبّيّة المتصلة بالكلام التي تتصرّف وتحدد من ظهور اللفظ والمراد منه توسعة أو تضييقاً .

وحجيّة هذا القسم من السيرة أيضا على القاعدة بعد الفراغ عن كبرى حجيّة الظهور بلا حاجة إلى دليل زائد.

      ويفترق هذا القسم عن القسم السابق في حاجته إلى إثبات معاصرة السيرة لزمن صدور النصّ من المعصوم، لأنَّ الحجّة انَّما هو ظهور النصّ ولكن إِذا أحرزنا ثبوته في عصرنا واحتملنا عدمه في زمن النصّ كفى ذلك في عدم إمكان التمسّك بالمدلول اللغوي للفظ لا لمجرّد احتمال القرينة المتّصلة التي لا نافي له عندنا فحسب بل لأنَّه يمكن إدراجه تحت كبرى أصالة عدم النقل في اللغة بأَنْ يراد بها أصالة عدم نقل مطلق الظهور النوعيّ العام للكلام سواءً كان على أساس العلقة اللغوية أو القرينة النوعية اللُبيّة المتصلة كالسيرة.

      القسم الثالث: السيرة المتشرعة[16] وهي التي يراد الاستدلال بها على كبرى الحكم الشرعي كالسيرة العقلائية القائمة على أنَّ من حاز شيئاً من الأموال المنقولة المباحة ملكها وكذلك السيرة القائمة على خيار الغبن في المعاملة إِذا أُريد الاستدلال بها على إثبات الخيار ابتداءً لا باستكشاف شرط ضمني على أساسه كما كان فيما سبق -وينبغي التمييز بين الطرزين من الاستدلال بمثل هذه السيرة ليتبع في كلّ منهما شروطه-.

      والاستدلال بهذا القسم من السيرة قد يكون لإثبات حكم شرعي كلَّي واقعي وهذا ما يقع الاستدلال به في كتب الفقه، وقد يكون لإثبات حكم شرعي ظاهري وهذا ما يقع الاستدلال به في كتب الأصول عادة كالسيرة القائمة على حجيّة الظواهر أو خبر الثقة مثلًا.

      وهذا القسم من السيرة تتوقّف دليليّته على إثبات عناية إضافيّة وليست على القاعدة كما في القسمين السابقين إِذ لا معنى للاستدلال ابتداءً بعمل العقلاء وبنائهم على حكم الشارع الأقدس.

      وصيغة تلك العناية انَّه لا بدَّ من استكشاف إمضاء الشارع لها من اتّخاذه موقفاً ملائماً معها كاشفاً عن إمضائه لمضمونها والَّذي أدناه السكوت والتقرير فتكون الحجة بحسب الحقيقة الإمضاء والتقرير الصادر عن المعصوم لا نفس السيرة. وواضح انَّ هذه العناية بحاجة إلى أَنْ تكون السيرة معاصرة لزمن التشريع وموجودة في زمن المعصوم عليه السلام فلا تنطبق على السير المستحدثة والمتجددة فيما بعد زمانهم فهناك ركنان لا بدَّ من توفرهما لتتمّ دليليّة هذه السيرة.

      1- إثبات معاصرتها مع زمن يكون فيه المعصوم ظاهراً يتّخذ المواقف الفقهيّة تجاه أمثالها إثباتاً أو نفياً.

      2- فحص الموقف الملائم الَّذي أقلَّه السكون ليرى انَّه ما هي الحدود التي يمكن أَنْ يستكشف منه الإمضاء وكيفيّته، وسوف يقع الحديث عن هذين الركنين مفصلًا.

 

      حجيتها:

      إن حجية السيرة العقلائية ليس لها وجه مستقل بل ان حجيتها منبعثة من حجية التقرير والامضاء من قبل المعصوم-ع- فكما ان قوله وفعله حجة كذلك تقريرة وسكوته عن امر ما فأنه امضاء له كما تقرر ذلك اصوليا وبالتالي فأن حجية السيرة من باب سكوت المعصوم عنها، فليست هي حجة مستقلة بذاتها بل ان حجيتها كاشفة عن السنة كشفا إنيا.

      قال صاحب الاصول العامة للفقه المقارن بعد ان تكلم عن دليل عصمة الانبياء...وهذه الاصول العقلائية التي يفزع اليها الناس في سلوكهم مع بعضهم، لا تحدث علما بمدلولها ولا تكشف عنه أصلا لا كشفا واقعيا ولا تعبديا[17]. أما نفي الكشف الواقعي عنها فواضح لعدم التلازم بين اجراء اصالة عدم الخطأ في سلوك شخص ما وبين اصابة الواقع والعلم به، ولو كان بينهما تلازم عقلي لامكن اراء هذا الاصل مثلا في حق أي شخص واعتبار ما يصدر عنه من السنة ولا خصوصية للنبي في ذلك. وأما نفي الكشف التعبدي عنها فلانه مما يحتاج إلى جعل من قبل الشارع، ومجرد بناء العقلاء لا يعطيه هذه الصفة ما لم يتم امضاؤه من قبله. وشأنه في ذلك شأن جميع ما يصدرون عنه من عادات وتقاليد واعراف، والسر في ذلك ان القطع بصحة الاحتجاج به على الشارع لا يتم الا اذا تم تبينه من قبله وعلم ذلك منه، وكل حجة لا تنتهي إلى القطع بصحة الاحتجاج بها، فهي ليست بحجة كما سبق بيان ذلك مفصلا. هذا اذا أعطينا هذه الأصول صفة، اما اذا جردناها منها واعتبرناها وظائف عقلائية جعلوها عند الشك لينتظم سلوكهم في الحياة، فأمرها أوضح لعدم حكايتها عن أي واقع ليعتبر ما تحكى عنه من قبيل التشريع. والاعتماد عليها كوظائف لا يتم إلا اذا تم تبني الشارع لها بالامضاء أيضا لنفس السبب السابق. وعلى هذا فحجية هذه الاصول وأمثالها موقوفة على امضاء الشارع لها بقوله أو فعله أو تقريره وكون هذا الامضاء حجة أي موقوفة على حجية السنة.[18]

      * الا ان المحقق النائيني (قده)ذكر رأيه بقوله- لكن على جميع الوجوه الثلاث -المتقدمة التي ذكرها في الفوائد- يصح الاعتماد عليها -اي السيرة- والاتكال بها، فانها إذا كانت مستمرة إلى زمان الشارع وكانت بمنظر منه ومسمع وكان متمكنا من ردعهم، ومع هذا لم يردع عنها فلامحالة يكشف كشفا قطعيا عن رضاء صاحب الشرع بالطريقة، وإلا لردع عنها كما ردع عن كثير من بنائات الجاهلية، ولو كان قد ردع عنها لنقل إلينا لتوفر الدواعى إلى نقله.[19]

      اقول: ان الشيخ اطلق الكلام هكذا وكأنه مفروغ منه من جهة الاتصال بزمان التتشريع والامضاء والكلام فيه تداخل فأننا اما ان نتكلم عن السيرة العقلائية ذلك العنوان العام العريض  فيكون كلامنا متجها لانه لم يرد النهي من الشارع الاقدس عن هذه الطريقة كما نهى عن القياس والرأي والاستحسانات وغيرها ولكن ليس الاشكال في هذا الامر بل ان الاشكال في مصاديق  السيرة وهي امور جزئية تختلف بأختلاف الموارد والعصور فقد تكون ناشئة بعد زمان النص اعني في زمان الغيبة، ومن اي وجه صدرت هذه السيرة ففيها كلام ,فأن كانت من نبي سابق على نبينا (صلى الله عليه وآله) فلا يمكن التمسك بها لانها قد تكون من التشريعات المنسخوة التي نسخها الاسلام وبالتالي لا يمكن اعتبار السيرة الناشئة منها حجة شرعية علينا ولو على سبيل الاحتمال الذي يبطل معه الاستدلال.

      واذا كانت من سلطان جائر فلا بد من احراز عدم الردع لا اقل وحتى لو كانت ناشئة عن الفطرة لان الفطرة عبارة عن امور عامة اودعها الله تعالى في نفس البشر ولكن الشارع تدخل في تقنينها وتنظيمها كحب الجمال والخير والاولاد فأنها امور فطرية ولكن الشارع قننها ورتبها ولم يتركها بعناوينها العامة الواسعة كما هو مقرر في مقامه.[20]

      وعلى هذا فلا يمكن الالتزام بحجية السيرة مطلقا كما ذهب اليه بعض الاعلام[21] بل لابد من استعلام اتصالها بزمان الشارع وعدم وجود ردع عنها نعم لا نحتاج الى امضائها كما هو واضح ,وبهذين القيدين يمكن الالتزام بها لانها على هذا تندرج تحت الاطار العام وهو سيرة العقلاء التي لم يردع الشارع عنها بعنوانها العام كما القياس لان الشارع لو كانت له طريقة مغايرة لما عليه سيرة العقلاء لبينها.

      وقد ذكر المحقق العراقي بإن المقصود من امضاء الشارع لما عليه سيرة العقلاء في موارد الامارات من الاعتماد عليها بما انها كواشف تامة وكونها علوما عادية عندهم من جهة غفلتهم عن احتمال الخلاف وان التفتوا إليه بعد التأمل والتدبر، لا ان المقصود من ذلك جعل الشارع الطريقية والكاشفية التامة للظن تأسيسا بحيث يتحقق بجعله مصداق المحرز التام، كي يتوجه الاشكال المتقدم من انه من المستحيل تعلق الجعل التشريعي بما هو من قبيل الامور التكوينية -فمدفوع -بمنع كون اعتماد العقلاء على الطرق والامارت من باب حصول العلم العادي، لما يرى منهم بالعيان والوجدان من الاعتماد عليها حتى مع الالتفات، بل ومع الظن بالخلاف ايضا كما في الظنون النوعية كظواهر الالفاظ المصرح في كلماتهم بان حجيتها انما هي من باب الظن النوعي الذي لا ينافيه الظن الشخصي بالخلاف، لا من جهة افادة الظن الشخصي فضلا عن كونها من باب الاطمينان أو العلم العادي، وحينئذ فلابد وان يكون ذلك منهم من باب البناء والتنزيل بلحاظ بنائهم على العمل بها فيكون مرجع امضاء الشارع للتنزيل المزبور إلى ايجاب معاملة العلم معها.[22]

      وعلى كل حال فأن الاصوليين في هذه المسألة على ثلاثة طوائف:

      الاولى: اوقفت الجحية على الامضاء من قبل الشارع.

      الثانية: اشترطت اتصالها بزمان التشريع وعدم وجود ردع عنها وبعضهم اضاف قيد الامكان -اي انه قال مع امكان الشارع من الردع عنها-.

      الثالثة: اعتبرت حجيتها مطلقا من دون القيود المتقدمة فتأمل.

 

      وجوه الحجية:

      بعد ان تقرر ان وجه الحجية في السيرة العقلائية ليس هو الا الكشف عن السنة وبالخصوص تقرير المعصوم منها الا ان من ذهب الى حجية السيرة مطلقا ذكر للحجية وجوها وهي:

      اولا: الملازمة بين ما حكم به الشارع وما حكم به العقلاء وهنا توجد مغايرة بين الشرع المقدس والاحكام العقلية او السيرة العقلائية ولكن وجه الجمع بين الطرفين هو باب الملازمة العقلية لان الدين يلازم العقل وسيرة العقلاء.

      ثانيا: العينية بين ما حكم به الشرع الاقدس وما سار عليه العقلاء وهنا لا توجد مغايرة بل العينية في المقام لان الشارع هو احد العقلاء بل هو قائدهم ورئيسهم.

      ثالثا: عدم الاحتياج الى اي وجه لاثبات حجية السيرة لان الوجه في حجيتها هو الفطرة والفطرة امر موجود ومركوز في النفس كالعقل فلا يحتاج الى حجة لاثباته لانه الفطرة بنفسها هي حجة ذاتية كالعقل والسنة وباقي الحجج -وهذا الوجه خاص بمن جعل المنشأ في السيرة هو الفطرة لاغير-.

      الا اننا لا نعتمد على هذه الوجوه لان مصب حجية السيرة هو اتصالها بزمان المعصوم وعدم ردعه عنها والا لا يوجد وجه لجعل السيرة هكذا وجها للحكم الشرعي الا من باب كشف السيرة عن مصداق وجزئي منطوي تحت كلي الحكم الشرعي المستكشف من دليل شرعي ثابت وهذا بالتأكيد خارج عن محل كلامنا لان مصب بحثنا على السيرة التي تكون بنفسها حكما شرعيا.

      (وحجية مثل هذا البناء إنما تتم اذا تم كشفه عن مشاركة المعصوم لهم في هذا الصدور فيما تمكن فيه المشاركة، أو إقراره لهم على ذلك فيما لم تمكن فيه. وسر احتياجنا إلى الكشف عن مشاركة المعصوم، أو إقراره ولو من طريق عدم الردع فيما يمكنه الردع عنه مع اطلاعه عليه، أن هذا البناء ليس من الحجج القطعية في مقام كشفه عن الواقع، لجواز تخطئة الشارع لهم في هذا السلوك. والفرق بينه وبين حكم العقل، أن حكم العقل فيما يمكنه الحكم فيه وليد اطلاع على المصلحة أو المفسدة الواقعية، كما يأتي بيانه، وهذا البناء لا يشترط فيه ذلك لكونهم يصدرون عنه، كما قلنا صدورا تلقائيا غير معلل، فهو لا يكشف عن واقع متعلقه من حيث الصلاح والفساد، ولعل قسما كبيرا من الظواهر الاجتماعية منشؤه هذا النوع من البناء. ومع عدم كشفه عن الواقع فهو لا يصلح للاحتجاج به على المولى لكونه غير ملزم له، ومع اقراره أو عدم ردعه أو صدوره هو عنه يقطع الانسان بصحة الاحتجاج به عليه).[23]

 

      تنبيهات:

      الاول: ذهب بعض الافاضل الى اننا لا نحتاج في حجية السيرة الى اتصالها بزمان التشريع وان كان الاتصال قد حدث قهرا ولا نحتاج الى امضاء من قبل الشارع ولو من قبيل الردع واستدل على ذلك بعدة وجوه منها: ان منشأ الحجية على الارجح هو الفطرة وهي بنفسها حجة كما اسلفنا ولا تحتاج الى اثبات فوق هذا وقد ناقشنا هذا الموضوع كما تقدم آنفا.

      وذكر ايضا بأن الاتصال بزمان الشارع حادث قهرا وكأنه (دام تأييده) قد ذهب الى ان السير محصورة ومثبته ولا يوجد غيرها واغفل الحادث منها وبالتالي فهي امور غريزية يتعامل بها الانسان وان الشارع على اطلاع عليها قطعا الا ان الحق بأنه العديد من السير تحدث جيلا بعد جيل وعصرا بعد عصر كما هو الحادث بعد زمان النص ويزداد الامر وضوحا اذا كان المنشأ للسيرة هو الفطرة فيكون حاله حال اللغات واللهجات التي تنشأ وتتعدد بمرور الزمن ووضع الالفاظ للمعاني المستحدثة وهكذا فأن الانسان مخلوق يتكيف ويتعامل مع ما حوله من الظواهر والاحوال.

      وذكر ايضا بأن السيرة لو لم تكن حجة مطلقا وقد سار العقلاء على امر ما على خلاف التشريع الالهي لكان لزاما على الشارع بيان ذلك والتنبيه عليه والا لزم نقض الغرض من رواج الدين والعمل بالتشريعات وكذا لقاعده اللطف بأنه تعالى اذا رأى جمهرة العقلاء على سيرة خاطئة فلا بد من بيانها وخلاف هذا خلافا لقاعدة اللطف ومن ثم ذكر بأن الواقع عند المشرع منكشف وبالتالي فأنه يعلم حتى بالسير الحادثة فيما بعد عصر النص فلابد عليه من بيان عدم صوابها لو كانت كذلك للأسباب المتقدمة.

      ونقول هذا اول الكلام فمن قال ان الشارع لم يبين جميع التشريعات خصوصا مع امتداد زمن التشريع عندنا الى ما يقارب الثلاثة قرون على العكس من العامة وبالتالي فلا يوجد نقض للغرض او ما ينافي قاعدة اللطف فكل شيء مبين ولو بضوابطه العامة فقد جاء في الخبر (عن عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن ابن فضال، عن عاصم بن حميد، عن أبي حمزة الثمالي، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: خطب رسول الله (صلّى الله عليه وآله) في حجة الوداع فقال: يا أيها الناس ما من شيء يقربكم من الجنة ويباعدكم من النار إلا وقد أمرتكم به وما من شيء يقربكم من النار، ويباعدكم من الجنة إلا وقد نهيتكم عنه)[24]

      وعن علي بن إبراهيم، عن محمد بن عيسى بن عبيد، عن يونس، عن حريز عن زرارة قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن الحلال والحرام فقال: حلال محمد حلال أبدا إلى يوم القيامة، وحرامه حرام أبدا إلى يوم القيامة، لا يكون غيره ولا يجيئ غيره، وقال: قال علي عليه السلام: ما أحد ابتدع بدعة إلا ترك بها سنة.[25] الى غير ذلك من الاخبار الدالة على مرادنا وان التشريعات لاتوضع بنحو القضايا الخارجية بل بنحو القضايا الحقيقية اما المصاديق والجزئيات وتحديد الوضوعات فقد وكلت الى اهلها من اهل العلم و الاستنباط وغيرهم.

       الثاني: ذكر المحقق النائيني (قده) بأن ما عليه سيرة العقلاء نابع من الفطرة التي اودعها الله تعالى في الانسان بمقتضى حكمته حفظا للنظام وذكر السيد البروجردي (قده) في بحث الظواهر بأن حجية البناء -بناء العقلاء- ولو لم تكن ذاتية إلا أنها محفوفة بما يكون كالذاتي، فإن المفروض أنه لا طريق إلى إيصال المقاصد التي لا بد منها ولو كانت اخروية غير الالفاظ الظاهرة، فلو لم تكن حجة لزم اختلال النظام، فيحكم العقل حينئذ بلزوم الحجية. [26]

      وهذا القيد اعني حفظ النظام  الذي اعتمد عليه البعض في اثبات حجية السيرة وبات وكأنه العلة فيها فأنه غير لازم لانه من الواضح بأن العديد من السير لا يلزم من مخالفتها اختلال النظام ولا يحتاج هذا الامر الى مزيد تأمل فأن العديد من المسائل الفقهية التي قامت عليها السيرة -على فرض كون السيرة هي الدليل الوحيد في المقام- لم يلزم من خلافها اختلالا للنظام نعم تلزم بعض المخالفات والاضرار الشخصية كما هو في بعض المعاملات الا ان يؤول الامر الى ادلة اخرى كقاعدة الضرر او ما يحكم به العقل من باب المستقلات وعليه فيكون الكلام خارجا تخصصا عن مقامنا ولذلك علق الشيخ الاشتهاردي على ما افاده السيد البروجردي بقوله: ما أفادة سيدنا الاستاذ الاكبر مد ظله العالي في تحقيق معنى بناء العقلاء وأن حجيته كالذاتي إنما يفيد في خصوص حجية الظواهر المقطوع صدورها من المتكلم، وأما مثل الخبر الواحد الذي هو عمدة ما تستفاد منه الاحكام فلا، لانه لا يلزم في ترك العلم بظواهره اختلال النظام كي يحكم العقل بلزوم اتباعه كما لا يخفى، فتأمل والله العالم.[27]

      الثالث: قد يحدث للبعض الخلط في تشخيص موضوع السيرة او تشخيص منشأ حجيتها فيطلق عليها سيرة العقلاء وهي ليست كذلك فقد تكون سير متشرعة او سيرة خاصة لقوم معينين وبالتالي فربما كان المنشأ فيها الاعراف او ما شاكل ولذلك قال بعض الاعلام بإن ادعاء إجماع صحابة النبي أو الائمة (عليهم السلام) أو المسلمين مع ادعاء سيرة العقلاء بما هم عقلاء مما لا يجتمعان بحيث يكونان دليلين مستقلين، فإن كون شئ سيرة للمسلمين بما هم مسلمون معناه أنه مما جاء به رئيس المسلمين بما أنه رئيسهم أو نبي، وكونه سيرة العقلاء بما هم عقلاء معناه عدم كون هذا الشئ مما اختص به المسلمون بما هم مسلمون فلا يجتمعان[28]

      وقد يحكم البعض على امر بأن الحجة فيه هي السيرة الا انه عند تحقيق المقام لا تكون السيرة هي الحجة عليه بل يكون الحكم الشرعي الثابت في الكتاب او السنة او العقل وتكون السيرة كاشفة كشفا إنيا عن الحكم الشرعي وبالتالي لا تكون هي الحجة في المقام بما هي هي بل الحجة غيرها من كتاب او سنة او عقل كما تقدمت الاشارة الى بعض الموارد في بحث اقسام السيرة.

      والبحث يحتاج الى مزيد تتبع وتحقيق الا ان عسر الحال وانشغال البال حال دون تتميم المقال دفع الله عنا وعن المؤمنين ملمات الاهوال بحق سيد الانام محمد والآل وآخر دعوانا ان الحمد لله رب العالمين وصلى الله على سيد خلقه محمد وآله الطاهرين واللعن على اعدائهم اجمعين من الاولين والاخرين.

 


[1] - فالتحقيق أن يقال: إن جميع الادلة التي أقاموها للحجية ترجع إلى بناء العقلاء، فإن آية النبأ دالة على المنع عن العمل بخبر الفاسق بحيث لو لم تمنع عنه لكان العقلاء عاملين به أيضا. وكذا آية النفر.../ تقريرات في اصول الفقه-السيد البروجردي: 1/281

[2] - لسان العرب - محمد بن عبد الرزاق الحسيني الزبيدي: 1/2981 - مادة سير

[3] - المصباح المنير – الفيومي: 4/349

[4] - الاصول العامة للفقه المقارن - محمد تقي الحكيم: 1/136

[5] - وقد اشكل على القيد الاخير اعني -حفظ النظام- بأن بعض السير لا يلزم من مخالفتها اختلال النظام كخبر الواحد من الاعتداد به عندهم فيمكن للشارع ان يطلب اكثر من هذا، الا ان هذا الاشكال غير تام لان مراده من حفظ النظام ليس فقط الامور الالزامية فقط والتي توجب اختلالا خطيرا بل حتى الامور المبنية على مصالح اخرى بمكنون علم الله تعالى كمصلحة التسهيل وامثالها.

[6] - سورة المائده: الآية 101

[7] - وقد اغفل الشيخ بأن الارض ملكها بعض الصالحين ولم يكونوا من الانبياء فقد تكون السيرة قد نشأة منهم فقد جاء في الكامل -فإن الإسكندر الذي اتفق المؤرخون على أنه ملك الدنيا لم يملكها في هذه السرعة، إنما ملكها في نحو عشر سنين، ولم يقتل أحداً، إنما رضي من الناس بالطاعة؛ وهؤلاء قد ملكوا أكثر المعمور من الأرض وأحسنه، وأكثره عمارة وأهلاً، وأعدل أهل الأرض أخلاقاً وسيرة- الكامل في التاريخ - لابن الاثير: 5/305

[8] - لدفع الاشكال الذي ربما يطرح من ان الطوفان كان على خصوص قوم نوح ولم تغرق الكرة الارضية بأجمعها وبالتالي يمكن ان تكون السيرة ناشئة من غير نوح (عليه السلام) فلذلك نذكر هذه الرواية سندا لكلامنا وروايات اخرى بنفس المساق نستغني عن ذكرها فعن علي بن إبراهيم بن هاشم، عن أبيه، عن عبد السلام بن صالح الهروي، عن الرضا (عليه السلام) قال: قلت له: لاي علة أغرق الله عز وجل الدنيا كلها في زمن نوح (عليه السلام) وفيهم الأطفال ومن لا ذنب له؟ فقال: ما كان فيهم الأطفال لأن الله عز وجل أعقم أصلاب قوم نوح وأرحام نسائهم اربعين عاما، فانقطع نسلهم فغرقوا ولا طفل فيهم، وما كان الله عز وجل ليهلك بعذابه من لا ذنب له، وأما الباقون من قوم نوح (عليه السلام) فاغرقوا لتكذيبهم لنبي الله نوح وسائرهم اغرقوا برضاهم بتكذيب المكذبين ومن غاب عن امر فرضي به كان كمن شهده وأتاه - مسند الامام الرضا (عليه السلام) - الشيخ عزيز الله: 1/245

[9] - عن ابى عبد الله (عليه السلام) قال: ما من مولود يولد إلا على الفطرة فأبواه اللذان يهودانه وينصرانه ويمجسانه - الفصول المهمة - الحر العاملي (هذا الحديث مروي عن طرق الخاصة والعامة)

[10] - سورة الروم: الآية 30

[11] - سورة التين: من الآية 4 الى الآية 5

[12] - تقريرات في اصول الفقه - الشيخ على الاشتهاردي - تقرير بحث السيد حسين البروجردي: 1/253

[13] - تنبية: من الوجه الرابع الى السابع هذه الوجوه ذكرها السيد مرتضى الشيرازي (دامت بركاته) في محضر درسه وذكر بأن هذه الوجوه قد تكون سببا للسيرة ولكنه استبعد حصول السيرة بها وقرب حصولها بسبب الانبياء والفطرة وقال بأن الاولى ان تجعل الادلة على الحكم الشرعي خمسة خامسها الفطرة لانها غير العقل لغة واصطلاحا وعرفا.

[14] - بتصرف من (بحوث في علم الأصول - السيد محمد باقر الصدر- تقرير الشاهرودي: 234)

[15] - الذي عبر عنه السيد الحكيم -دام ظله- بالشرط الارتكازي/ وقال بعضهم بأن المعروف عرفا كالمشروط شرطا على ان في المقام تفصيل ليس المقام الان معقودا لبيانه.

[16] - ليس مراده الاصطلاح المعروف بل انه قصد بذلك السيرة التي تكون بنفسها حكما شرعيا لذلك عبر عنها بالسيرة المتشرعة.

[17] - مراده انها بذاتها لا تكشف عن اي شيء بالنسبة للحكم الشرعي.

[18] - الاصول العامة للفقه المقارن - محمد تقي الحكيم: 1/86

[19] - فوائد الأصول - الميرزا النائيني: 2/205

[20] - فأن الغريزة الموجوده في الانسان من حب الخير او حب الجمال او المال مثلا قال تعالى: (وتحبون المال حبا جما) فأن هذه الغرائز موجودة على سعتها من دون تفصيل بين مصاديقها وجزئياتها فأن الانسان يحب الجمال والمال من دون تمييز بين حلاله وحرامه ويحب فعل الخير الا ان ذلك موقوفا على معرفة مصاديق الخير التي يجهل الانسان كثيرا منها وربما عمل شرا بتوهم انه خير (واذا قيل لهم لا تفسدوا في الارض قالوا انما نحن مصلحون) ولذلك تدخل الشارع ببيان مصاديق الحلال والحرام في كافة الغرائز المودوعة في فطرة الانسان.

[21] - كالنائيني (قده) والسيد محمد الشيرازي (قده) والسيد صادق الشيرازي (دام ظله) وتبعهم السيد مرتضى الشيرازي (دام تأييده) واخرون.

[22] - المحقق العراقي.

[23] - الاصول العامة للفقه المقارن: 1/136

[24] - الوسائل - الحر العاملي: 17/27

[25] - الكافي – الكليني: 1/76

[26] - تقريرات في اصول الفقه – البروجردي: 1/254

[27] - تعليق المقرر علي الاشتهاردي.

[28] -تقريرات في اصول الفقه – البروجردي: 280

عن أبي عبد الله عليه السلام قال: طلب العلم فريضة.                                                                                                                                                            الكافي

الفيديو

دور التربويين في تحقيق غاية الدين - شيخ ستار الدلفي
2019 / 03 / 24 4580

دور التربويين في تحقيق غاية الدين - شيخ ستار الدلفي

أخر الأخبار

الصوتيات

2018/3/15

سورة الفرقان

2018/3/15

سورة النور

2018/3/15

سورة المؤمنون

2018/3/15

سورة الحج



الصور