مناسبات الشهر
مناسبات شهر شوال 1 شوال عيد الفطر المبارك. هلاك عمرو بن العاص في مصر سنة (41هـ).   3 شوال معركة الخندق سنة (5هـ) على رواية. هلاك المتوكل العباسي بأمر ابنه المنتصر سنة (247هـ).   4 شوال غزوة حنين سنة (8هـ) على رواية. ضُربت فيه السكة (النقود) باسم الإمام الرضا (ع) سنة (201هـ). وفاة الشيخ حسين الحلي (قد) سنة (1394هـ).   5 شوال خروج أمير المؤمنين (ع) من النُّخيلة متوجهاً إلى صفين لمواجهة معاوية سنة (36هـ). وصول مبعوث الامام الحسين (ع) مسلم بن عقيل الى الكوفة سنة (60هـ).   6 شوال رد الشمس لأمير المؤمنين (ع) ببابل سنة (36هـ) بعد رجوعه من قتال الخوارج. خروج أول توقيع من الإمام المهدي (ع) إلى سفيره ونائبه الثالث الحسين بن روح النوبختي (رض) سنة (305هـ).   8 شوال الهدم الثاني لمراقد البقيع الطاهرة من قبل الوهّابيين سنة (1344هـ/ 1924م).   12 شوال وفاة الشيخ البهائي (قد) سنة (1030هـ).   13 شوال وفاة السيد حسين البروجردي (قد) سنة (1380هـ).   14 شوال هلاك عبد الملك بن مروان بن الحكم بدمشق سنة (86هـ). وفاة السيد عبد العظيم الحسني (رضوان الله عليه) سنة (252هـ). وفاة الشيخ قطب الدين الراوندي (قد) سنة (573هـ).   15 شوال معركة احد وشهادة حمزة سيد الشهداء (ع) سنة (3هـ). رد الشمس للإمام أمير المؤمنين (ع) في المدينة المنورة في مسجد الفضيخ والمعروف بمسجد رد الشمس سنة (3هـ). غزوة بني القنيقاع سنة (2هـ).   16 شوال وفاة الشيخ عبد الله المامقاني (قد) سنة (1351هـ).   17 شوال غزوة بني سليم سنة (2هـ). وفاة أبي الصلت الهروي (رض) بعد خروجه من سجن المأمون سنة (203هـ).   18 شوال وفاة الشيخ محمد بن إدريس بن أحمد الحلي (ره) المعروف بـ(ابن إدريس) سنة (598هـ). 19 شوال   20 شوال القبض على الإمام موسى بن جعفر الكاظم (ع) وترحيله من المدينة إلى العراق قسراً وحبسه بأمر هارون العباسي سنة (179هـ).   23 شوال وفاة السيد نعمة الله الجزائري (قد) سنة (1112هـ).   25 شوال شهادة الامام جعفر بن محمد الصادق (ع) سنة (148هـ).   27 شوال خروج النبي الأكرم (ص) الى الطائف لدعوتهم الى الإسلام.   29 شوال وفاة الشيخ الوحيد البهبهاني (قد) سنة (1205هـ).

أهل البيت في آية[1] التّطهير[2]

الشيخ علي هادي المزيرع

 

المقدمة

بسم الله الرّحمن الرّحيم

      الحمد لله ربّ العالمين والصّلاة والسّلام على أشرف الأنبياء والمرسلين محمّدٍ بن عبد الله وآله الطّيبين الطّاهرين، واللّعن الدائم على أعدائهم أجمعين إلى قيام يوم الدّين.

      أمّا بعد

      جملةٌ هي المسائل التي وقع فيها الخلاف بين الشّيعة الإماميّة من جهة، وبين أتباع مدرسة الخلفاء من جهة أخرى. ومن تلك المسائل التي وقع فيها الخلاف هي مسألة تعيين المراد من أهل البيت الوارد ذكرُهم في آية التّطهير، وأنّها فيمن نزلت، ومن المقصودُ فيها؟

      فقد ذهب الشّيعة إلى أنّها نزلت في الأربعة أصحاب الكساء -ما عدا النبي صلى الله عليه واله فان دخوله في العنوان مما لا غبار عليه بين الفريقين- ألا وهم: أمير المؤمنين عليّ، وسيّدة النّساء فاطمة الزّهراء، وسيّدا شباب أهل الجّنة الحسن والحسين (صلوات الله عليهم أجمعين)، وانقسم الاتّجاه الآخر –أتباع مدرسة الخلفاء– إلى قسمين: حيث ذهب أحدهما إلى أنّها نزلت في نساء النّبيّ (صلّى الله عليه وآله) بالإضافة إلى الأربعة الذين يذهب الشّيعة إلى اختصاصها بهم، وذهب القسم الآخر إلى أنّها في خصوص نسائه (صلوات الله عليه وآله) ولا تشمل أحداً غيرَهُنّ.

      وسوف أقوم بإذن الله تعالى بذكر هذه الاتجاهات الثّلاثة كلّ واحد منها على حدة، وذكر ما يستدل به كلّ اتّجاه –ولست إلاّ ناقلاً لما ذكره العلماء-، وسأذكر بعد ذلك خاتمة.

      وعليه يكون البحث في ثلاثة محاور وخاتمة وحسب الترتيب الآتي:

      المحور الأوّل: في تحديد المراد من اهل البيت (صلوات الله عليهم) وفيه ثلاثة اتّجاهات:

      الاتجاه الأول: إنّها –آية التطهير– خاصّة بأمير المؤمنين، والزّهراء، وسيّدي شباب أهل الجنّة (صلوات الله عليهم أجمعين).

      الاتجاه الثاني: شمول الآية لنساء النّبيّ (صلى الله عليه وآله) مع الأربعة (صلوات الله عليهم).

      الاتجاه الثالث: اختصاص الآية بنسائه (صلى الله عليه وآله) دون غيرهّنّ.

      المحور الثّاني: دلالتها على عصمة من نزلت فيهم.

      المحور الثّالث: الإرادة الواردة فيها، والشّبهة حولها.

      الخاتمة: سأذكر فيها بعض أقوال أعلام الجمهور بخصوص هذه الآية.

      ومن الله تعالى التّوفيق، وبه الاعتصام، وعليه الاتّكال، وآخر دعوانا أن الحمد لله ربّ العالمين، والصّلاة والسّلام على أشرف الخلق أجمعين محمّد بن عبد الله وآله الطّاهرين.

 

المحور الأوّل

في تحديد المراد من اهل البيت (صلوات الله عليهم) وفيه ثلاث اتجاهات:

      الاتجاه الاول: اختصاص الآية بأمير المؤمنين، والزّهراء، وسيّدي شباب أهل الجنّة (صلوات الله عليهم أجمعين).

      ذهب الشّيعة الإمامية –كما أسلفنا في المقدّمة– إلى أنّ الآية المباركة نزلت في الأربعة الأطهار وهي من جملة الآيات المختصّة بهم (صلوات الله عليهم).

      وقد ذكروا لذلك الكثير من الأدلّة والشواهد التي تدلّ على ما ذهبوا إليه، وتكون شاهداً على مدّعاهم.

      علماً أنّهم لم يقتصروا في ذلك على ما جاء من طرقهم فقط –وإن كان في ذلك الكفاية لأنّهم يأخذون من المنبع الصافي الذي هو أهل البيت (عليهم السلام)، وأهل البيت أدرى بالّذي فيه– بل هم يأتون بما يعضد دعواهم من طرق الغير، وكتبه حتى يكون أبلغ في الحجة وأمعن في الإلزام.

      ونحن إن شاء الله سنذكر ما أورده القوم في كتبهم ومصادرهم –سواء أكانت الحديثيّة منها، أو التفسيريّة– للسّبب الذي ذكرناه آنفاً –من كونه أبلغ في الحجّة– ولا نأتي بما ذكره أصحاب هذا الاتّجاه عن أئمتهم (صلوات الله عليهم) كي لا يعترض على ذلك الآخر متذرعاً بأنّ هذا ممّا يروونه هم –أي الشّيعة– لا نحن، مع علمه -الآخر- بأنّ أئمة الشّيعة هم من أصدق الناس، وأنّ شيعتهم الثّقات العارفين بحقّهم لا يروون عنهم كذباً، ولا يكذبون عليهم.

      وإليك بعض ما ذكره القوم من ان المراد باهل البيت هم الاربعة (صلوات الله عليهم):

1– صحيح مسلم: عَنْ صَفِيَّةَ بِنْتِ شَيْبَةَ قَالَتْ قَالَت عَائِشَةُ: خَرَجَ النَّبيُّ -صلّى الله عليه وسلم- غَدَاةً وَعَلَيْهِ مِرْطٌ[3] مُرَحَّلٌ مِنْ شَعْرٍ أَسْوَدَ فَجَاءَ الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ فَأَدْخَلَهُ ثُمَّ جَاءَ الْحُسَيْنُ فَدَخَلَ مَعَهُ ثُمَّ جَاءَتْ فَاطِمَةُ فَأَدْخَلَهَا ثُمَّ جَاءَ عَلِيٌّ فَأَدْخَلَهُ ثُمَّ قَالَ: (إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا)[4].

2– مسند أحمد بن حنبل: عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَمُرُّ بِبَيْتِ فَاطِمَةَ سِتَّةَ أَشْهُرٍ إِذَا خَرَجَ إِلَى الْفَجْرِ فَيَقُولُ الصَّلَاةَ يَا أَهْلَ الْبَيْتِ (إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمْ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا)[5].

3– المستدرك على الصّحيحين: عن أمّ سلمة رضي الله عنها، أنّها قالت: في بيتي نزلت هذه الآية (إنّما يُرِيدُ اللهُ لِيُذهِبَ عَنْكُم الرِّجْسَ أَهْلَ البَيْت) قالت: فأرسل رسول الله صلّى الله عليه وسلّم إلى عليّ وفاطمة والحسن والحسين رضي الله عنهم أجمعين، فقال: «اللّهم هؤلاء أهل بيتي» قالت أمّ سلمة: يا رسول الله، ما أنا من أهل البيت؟ قال: (إنك إلى خير، وهؤلاء أهل بيتي، اللّهمّ أهلي أحقّ)[6].

4– تفسير الطبري: عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «نزلت هذه الآية في خمسة: فيّ، وفي علي، وفاطمة، وحسن، وحسين، {إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيراً}»[7].

5 – الدر المنثور: عن أم سلمة قالت: «نزلت هذه الآية في بيتي {إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيراً} وفي البيت سبعة: جبريل، وميكائيل (عليهما السلام)، وعلي، وفاطمة، والحسن، والحسين، (رضي الله عنهم)، وأنا على باب البيت، قلت: يا رسول الله ألست من أهل البيت؟ قال: إنك إلى خير، إنك من أزواج النبي (صلى الله عليه وسلم)»[8].

 

      هذه بعض النصوص التي ذُكِرت في كتب القوم وهي غيض من فيض من عشرات النصوص الواردة في خصوص هذه القضية، وفي ما ذكرناه الكفاية لكل ذي لُبٍّ، وكل طالبٍ للحقيقة يريد معرفتها ومن أراد الإطّلاع على المزيد فعليه مراجعة كتبهم، أو الكتب التي أُلِّفَتْ لجمع هذه النصوص من مصادرها[9].

 

      الاتجاه الثاني: شمول الآية لنساء النبي (صلى الله عليه وآله) مع الأربعة (صلوات الله عليهم).

      ذهب بعض العامة إلى أن هذه الآية الكريمة لم تكن مختصّة بالأربعة الذين ذكرهم الشيعة وهم: )علي، وفاطمة، والحسن، والحسين (صلوات الله عليهم)، بل هي شاملة لنساء النبي (صلى الله عليه وآله)، وهُنّ داخلات تحت عنوان أهل البيت ومن مصاديقه.

      وقد تمسّك من ذهب إلى هذا الرأي بدليلين لا ثالث لهما على دعواه، ويستطيع بهما الاحتجاج على الغير، وهذان الدليلان هما:

      الأول: رواية عن أم سَلَمَة يروونها بهذا الصدد.

      الثاني: وحدة السياق، فبما أنّ هذا المقطع من الآية جاء في ضمن الحديث عن نساء النبي (صلى الله عليه وآله)، وضمن المقاطع، والآيات المتحدثة عنهنّ، فكذلك هذا المقطع يكون حديثه منصبّاً حول هذا الموضوع.

      ونحن سنذكر بإذن الله هذين الأمرين، ونذكر ما أورده العلماء عليهما من النقض، والمناقشة.

 

      تفصيل ادلة القائلين بشمول عنوان اهل البيت لنساء النبي (صلى الله عليه وآله)

      الأول: الرواية:

      عن عبد الله بن وهب بن زمعة قال أخبرتني أم سلمة: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم جمع فاطمة والحسن والحسين ثم أدخلهم تحت ثوبه ثم قال: (اللهم هؤلاء أهلي) قالت أم سلمة قلت: يا رسول الله أدخلني معهم قال: (إنَّك من أهلي)[10].

      هذه الرواية لعلّها هي عُمدة ما يمكن أن يستند إليه هذا الاتجاه من ناحية النصوص في إدراج نساء النبي (صلى الله عليه وآله) تحت هذا العنوان، وأنّهُنّ داخلات تحت مفهوم هذه الآية المباركة وقد نوقشت هذه الرواية من قبل العلماء من الناحية السندية، بالإضافة إلى أنّ هذه الرواية هي معارضة بأكثر من رواية صحيحة السند تُروى عن أم سلمة (رضوان الله عليها) نفسِها تؤكد فيها عدم دخولها في أهل البيت، وأنّها أرادته، أو طلِبت من النبي (صلى الله عليه وآله) ذلك فمنعها، وردّها برفق.

 

      وإليك المناقشة السنديّة:

      فقد وقع في سند هذه الرواية اثنان من الرواة الّذين اختلفت كلمات علماء الجمهور فيهما:

      الأول: خالد بن مخلّد، وهو القطواني البجلي. والثاني: موسى بن يعقوب بن عبد الله بن وهب بن زمعة بن الأسود.

      أمّا الأول: فقد قال عبد الله بن أحمد عن أبيه: له أحاديث مناكير، وقال عنه ابن حاتم: لخالد بن مخلد أحاديث مناكير، وفي الميزان للذهبي يُكتب حديثه، ولا يُحتج به، وذكره الساجي، والعقيلي في الضعفاء[11].

      وأمّا الثاني: فقد قال عنه علي بن المديني: ضعيف الحديث منكر الحديث، وقال النسائي: ليس بالقوي، وقال الأثرم: سألت أحمد عنه فكأنّه لم يعجبه، وقال الساجي: اختلف أحمد ويحيى فيه، قال أحمد لا يعجبني حديثه، وقال ابن القطّان: ثقة[12].

      يتبيّن مما ذكرناه أنّ هذه الرواية لا يمكن الاعتماد عليها لأمرين هما:

      الأول: ضعف السند.

      الثاني: بغض النظر عن سندها، وما فيه، فإنّها معارضة بالروايات الصحيحة الكثيرة المروية عن أمّ سَلَمةَ نفسِها –كما ذكرنا ذلك سابقاً–، والتي هي بالنقيض معها من حيث دخول نساء النبي (صلى الله عليه وآله)، وعدم دخولهنّ.

 

      الأمر الثاني: وحدة السياق:

      فقد تمسّك أصحاب هذا الاتجاه بوحدة السياق –كما أسلفنا– واستدلوا به على دخول نساء النبي (صلى الله عليه وآله) تحت مفهوم الآية الشريفة.

      وسنذكر لكم بعض أقوالهم بهذا الخصوص، ثم ما أورده العلماء من الإيرادات بهذا الشأن.

      وإليك الأقوال أولاً، ثُمّ الإيرادات بعد ذلك ثانياً:

      أولاً: الأقوال:

1– قال القرطبي: والذي يظهر من الآية أنها عامة في جميع أهل البيت من الأزواج وغيرهم، وإنما قال: {وَيُطَهِّرَكُمْ} - بضمير جماعة المذكور -لأَن رسول الله وعليًّا وحسنًا والحسين كانوا فيهم، وإذا اجتمع المذكر والمؤنث غلب المذكر، فاقتضت الآية أن الزوجات من أهل البيت؛ لأَن الآية فيهن، والمخاطبة لهن، يدل عليه سياق الكلام- والله أعلم[13].

2– قال الشنقيطي: والتحقيق إن شاء الله: أنّهنّ داخلات في الآية، وإن كانت الآية تتناول غيرهنّ من أهل البيت. أما الدليل على دخولهن في الآية، فهو ما ذكرناه آنفاً من أن سياق الآية صريح في أنها نازلة فيهنّ[14].

3– قال الشوكاني: أما الزوجات فلكونهنّ المرادات في سياق هذه الآيات كما قدّمنا[15].

4 – قال ابن كثير: وهذا نص في دخول أزواج النبي (صلى الله عليه وسلم) في أهل البيت هاهنا؛ لأنهن سبب نزول هذه الآية، وسبب النزول داخل فيه قولا واحدا، إما وحده على قول، أو مع غيره على الصحيح[16].

      هذه بعض الأقوال في المسألة تبيِّن كيف أنّهم يتمسكون بوحدة السياق لإثبات دعواهم.

 

      الإيرادات:

      وقد أورد العلماء والباحثون عدّة أمور أعتقد أنّ كل واحد منها كافٍ وكفيل في إبطال التمسك بوحدة السياق وهي:

1– إنّ الظهور السياقي من أضعف الظهورات[17]، ((فما المانع من رفع اليد عنه ما دام قد وجدت قرائن خارجية على خلافه))[18].

2– إنّ التمسك بإدخال نساء النبي (صلى الله عليه وآله) –أمهات المؤمنين– في آية التطهير وكونهنّ مشمولات بالخطاب –في مقابل النصوص الكثيرة الصريحة بنزولها بهم (صلوات الله عليهم)– إنّ هذا التمسك يكون من قبيل الاجتهاد مقابل النص[19]. على أنّه لا مجال للبناء على عمومها لهنّ، لما هو المعلوم من عدم القول بعصمتهن. بل لا ريب في صدور المعاصي من بعضهن، بل المعاصي الكبيرة، وإن ادعي حصول التوبة منها[20].

3– إنّ النصوص تضمنت نزول الآية الشريفة وحدها مجردة عن الآيات التي هي في سياقها[21]. وقد أكد هذا الامر العلاّمة الطباطبائي في تفسيره حيث قال: ((إنما الشأن كل الشأن في اتصال الآية بما قبلها من الآيات فهذه الأحاديث على كثرتها البالغة، ناصّة في نزول الآية وحدها، ولم يرد حتى في رواية واحدة نزول هذه الآية في ضمن آيات نساء النبي، ولا ذكره أحد حتى القائل باختصاص الآية بأزواج النبي كما ينسب إلى عكرمة وعروة، فالآية لم تكن بحسب النزول جزءا من آيات نساء النبي ولا متصلة بها وإنما وضعت بينها))[22].

      وما ذكرته من كلمات الأعلام كافٍ لمن كان له أدنى تأمُّل، وأترك للقارئ المجال أن يحكم في أنّها نازلة في الأربعة فقط، ومختصة بهم -كما يقول الشيعة-، أم أنّها شاملة لغيرهم كنساء النبي مثلاً؟

 

      الاتجاه الثّالث: اختصاص الآية بنسائه (صلّى الله عليه وآله) دون غيرِهّنّ.

      هناك قول ثالث يذهب إلى أنّ الآية نزلت في نساء النبي (صلى الله عليه وآله) خاصّة، فلا تكون شاملة لغيرهن، وهذا الرأي في غاية التطرّف حيث لا يكاد يرتضيه أغلب المفسرين[23].

      وقد استند هذا القول على روايتين اثنتين –وهما في الحقيقة قولان، و ليسا روايتين، لأنّهما أسندا إلى أحد الصحابة لا إلى النبي (صلى الله عليه و آله)– بزعم أنّهما تؤكدان دعواه، و تحققان مبتغاه. وقد نوقشت هاتان الروايتان من الناحية السندية، وتبيّن أنّهما ضعيفتان من هذه الناحية، بالإضافة إلى أنّهما معارضتان بكثرة كاثرة من الروايات الصحيحة السند والتي تخالفهما مضموناً ودلالةً.

      ونحن إن شاء الله سنذكر هاتين الروايتين، ثم بعد ذلك نذكر المشاكل السندية التي وقعت فيهما كما مرّ منّا ذلك سابقا.

 

      الروايتان:

1– رواية عكرمة: أخرج ابن أبي حاتم وابن عساكر من طريق عكرمة رضي الله عنه عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس، أهل البيت} قال: نزلت في نساء النبي صلى الله عليه وسلم خاصّة. وقال عكرمة رضي الله عنه: من شاء باهلته أنها نزلت في أزواج النبي صلى الله عليه وسلم[24].

2– رواية سعيد بن جبير: أخبرنا أبو القاسم عبد الرحمن بن محمد السراج قال: أخبرنا محمد بن يعقوب قال: أخبرنا الحسن بن علي بن عفان قال: أخبرنا أبو يحيى الحماني، عن صالح بن موسى القرشي، عن خصيف، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس قال: أنزلت هذه الآية في نساء النبي صلى الله عليه وسلم -إنّما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت-[25].

 

      المناقشة:

      أمّا الرواية الأولى، فيكفينا فيها عكرمة الذي سنذكر ما قاله فيه علماء الجمهور من الجرح والقدح وما شابههما: عكرمة -مولى ابن عباس- هو أبو عبد الله المدني. أصله من البربر من أهل المغرب. قال خلاّد بن سليمان عن خالد بن أبي عمران: دخل علينا عكرمة افريقية وقت الموسم فقال: وددت أنّي اليوم بالموسم بيدي حربة اضرب بها يمينا وشمالا. قال: فمن يومئذ رفضه أهل إفريقية. وقال مصعب الزبيري: كان عكرمة يرى رأي الخوارج. وزعم أن مولاه كان كذلك. وقال أبو خلف الخزاز عن يحيى البكاء: سمعت ابن عمر يقول لنافع: اتق الله ويحك يا نافع ولا تكذب علَيَّ كما كذب عكرمة على ابن عباس[26].

      وقال جرير بن عبد الحميد عن يزيد بن أبي زياد: دخلت على علي بن عبد الله بن عباس وعكرمة مقيّد على باب الحش قال قلت: ما لهذا؟ قال: إنه يكذب على أبي[27].

      بعض المدنيين يقول: اتفقت جنازته وجنازة كثير عزّة بباب المسجد في يوم واحد فما قام إليها أحد قال: فشهد الناس جنازة كثير وتركوا عكرمة[28].

      أقول: هذه حال من يروي هذه الرواية، فهل يمكن تصديقه، أو الأخذ بقوله؟.

      وأمّا الرواية الثانية: فبالإضافة إلى وجود بعض المجاهيل فيها، فإنّ فيها اثنين ممّن صرّح الرجاليون بعدم وثاقتهم، وأنّه لا يمكن الأخذ بمروياتهم.

      الأول: أبو يحيى الحماني عبد الحميد بن عبد الرحمن. قال عنه النسائي: ليس بالقوي.

      وقال أبو داود: كان داعية إلى الإرجاء[29]. وقال ابن سعد وأحمد: كان ضعيفا. وقال العجلي: كوفي ضعيف الحديث مرجئ[30].

      الثاني: خصيف بن عبد الرحمن الجزري الحرّاني، أبو عون: من موالي بني أمية. ضعفه أحمد، وقال مُرّة: ليس بقوي. وقال ابن معين: صالح. وقال -مرة: ثقة. وقال أبو حاتم: تكلم في سوء حفظه. وقال أحمد أيضا: تكلّمَ في الإرجاء. وقال يحيى القطّان: كنا نجتنب خصيفا[31].

      وقال علي بن المديني: سمعت يحيى بن سعيد القطان يقول: كنا تلك الأيام نجتنب حديث خصيف. وقال الساجي: صدوق. وقال الآجري عن أبي داود: قال أحمد: مضطرب الحديث. وقال جرير: كان خصيف متمكنا في الإرجاء يتكلم فيه. وقال ابن خزيمة: لا يُحتَج بحديثه. وقال يعقوب بن سفيان: لا بأس به. وقال أبو أحمد الحاكم: ليس بالقوي، وقال الأزدي: ليس بذاك[32].

      فبعد هذا وذاك، وبعد هذه الأقوال الصادرة من قِبَل كبار أئمة الجرح، والتعديل –وإن عورضت ببعض الأقوال– بعد هذا كلّه هل يبقى مجال للاعتماد على هكذا مرويات، وهكذا أشخاص؟

      وهل يبقى شيء في أيدي أصحاب هذا الاتجاه يمكن الاعتماد عليه، لإثبات ما ادّعوه؟.

      هذه جملة القول في الاتجاهات الثلاثة، وأترك الحكم فيها للقارئ الكريم، فهو الذي يحكم، ويُقيّم ما يقرؤه.

      ومن أراد المزيد فعليه مراجعة المطولات في ذلك.

 

المحور الثاني

دلالتها على عصمة من نزلت فيهم

      لو لاحظنا بعض المفردات الموجودة في الآية الكريمة لاتّضح لنا جليّاً دلالتها على عصمة من نزلت فيهم.

      فـ(إنّما) الّتي تفيد الحصر، والّتي لا خلاف فيها من هذه النّاحية، و(الإرادة) الّتي لا يتخلّف عنها مرادها وسيأتي الكلام فيها، و(الرّجس) الّذي له معنىً عامّ وشامل، فيعمّ جميع القبائح الظاهريّة والمعنويّة والأخلاقيّة والعقائديّة وغيرها، ولا سبيل لحصرها بنوع أو قسم دون آخر، والألف والّلام شاهدان على ذلك.

      فيكون الحاصل والنّتيجة الطّبيعيّة لكلّ ذلك: إنّما يريد الله تعالى بإرادته التّكوينيّة أن يذهب عنكم كلّ ما يُستقبَح، وكلّ ما لا ينبغي فعله والإتيان به سواء كانت ذنوباً أم غيرها، وسواء كانت تلك الذنوب صغيرة أم كبيرة.

      وليس هذا إلّا معنى العصمة الّتي يذهب إليه الشّيعة، بل ذهب إليه غيرهم.

 

المحور الثالث

الإرادة الواردة فيها، والشّبهة حولها

      وقعت هذه الآية الكريمة محلا للنزاع في مسألة الإرادة الواردة فيها، وهل هي إرادة تشريعيّة أو تكوينيّة؟

      وقبل كلّ شيء علينا أن نبيّن ما هو الفرق بين الإرادتين، وبماذا تمتاز إحداهما عن الأخرى.

      فنقول كما ذكر ذلك العلماء: إنّ المراد من الإرادة التشريعيّة هي أوامر الله تعالى ونواهيه، فنعلم –مثلاً– أنّ الله تعالى يريد منّا أداء الصّلاة والصّوم وسائر العبادات، أو يريد منّا عدم فعل مثل الكذب والغيبة وسائر المحرّمات، فهذه إرادة تشريعيّة، ومن المعلوم أنّ الإرادة بهذا المعنى تتعلّق بأفعالنا لا بأفعال الله تعالى.

      وبتعبير ثانٍ: إنّ إرادته سبحانه إذا تعلّقت بتشريع حكم، أو قانون لغرض عمل المكلّف به فالإرادة تشريعيّة.

      أمّا الإرادة التكوينيّة: فالمقصود منها أنّ إرادته تعالى تتعلّق بإيجاد شيء وتكوينه في صحيفة الوجود، وهي تتعلّق بأفعاله سبحانه لا بأفعالنا. وهي بهذا المعنى لا تتخلّف عن المراد ولا يتخلّف عنها مرادها وهما متلازمان ولا ينفكّان، وقد اشار الى ذلك في قوله تعالى: (إنّما أمره إذا أراد شيئاً أن يقول له كن فيكون).

      فإذا اتّضح الفرق بينهما، يقع التساؤل: هل إرادة الآية هي من القسم الأوّل، أو الثّاني؟

      لقد ذهب علماؤنا _وهو الحقّ_ من أنّ الإرادة هي من القسم الثّاني-اي تكوينية-. وقد ذكروا لذلك جملة أمور، كلّ واحد منها كافٍ في إثبات ما يذهبون إليه[33]، منها:

1- إنّ الإرادة التّشريعيّة لا تختصّ بطائفة دون أخرى، بل هي تعمّ المكلّفين عامّة، وهذا خلاف ما نراه في الآية الكريمة.

2- إنّ العناية البارزة في الآية المباركة أقوى شاهد على أنّ المقصود منها هو التّكوينيّة. فابتداء الآية ب(إنّما) والّتي تفيد الحصر، وتعيين متعلّق إرادته تعالى بصورة الاختصاص، وبيان متعلّق إرادته سبحانه بالتّأكيد، وتأكيده بالإتيان بالمصدر بعد الفعل، والإتيان بالمصدر بعد الفعل، وكون المصدر نكرة، ومجيء الآية بصيغة المدح والثّناء، كلّ ذلك كافٍ في إثبات أنّ الإرادة تكوينيّة وليست تشريعيّة.

      فالمتحصّل من جميع ما تقدّم أنّ الإرادة الواردة في الآية الكريمة هي إرادة تكوينيّة تضيف مزيد فضيلة وخصّيصة ومنقبة لآل العصمة والطّهارة، وتميّزهم عن غيرهم.

      بقي أمر واحد وهو: إذا كانت هذه الإرادة_ كما تقولون_ تكوينيّة، فيلزم من ذلك كون من نزلت فيهم مجبورين على الإتيان بالواجب، والانتهاء عن الحرام والمحرّم، وإذا كان كذلك فلا فضيلة لهم فيما يفعلون، أو يتركون، ولا يستحقّون المدح والثّناء، لأنّ موضعهما من كان مختاراً في أفعاله، لا مجبراً عليها.

الجواب: إنّ مشكلة الجبر تنحل بالتّعرف على كيفيّة تعلّق إرادته سبحانه بأفعال العباد، والإمعان في هذا الموضوع يكفي لحلّ بعض المشاكل المطروحة في مسألة الجبر والاختيار.

      وبعبارة أخرى: هل تعلّقت إرادته سبحانه بصدور أفعال العباد عنهم باختيارهم وإرادتهم، أو تعلّقت بصدورها منهم مطلقاً وإن لم تكن مسبوقة باختيارهم وإرادتهم؟

      فالجبر لازم القول الثّاني، والاختيار نتيجة القول الأوّل، وهو الحقّ وتوضيحه:

      إنّ لازم التّوحيد في الفاعليّة والخالقيّة هو أنّ كلّ ما يقع في صفحة الوجود سواء كان فعلاً للعباد، أم لغيرهم لا يخرج عن إطار الإرادة التّكوينيّة لله سبحانه، ولا يقع شيء في الكون إلّا بإرادته وإذنه تعالى، قال تعالى: ((ما قطعتم من لِّينة أو تركتموها قائمة على أصولها فبإذن الله))، وهذه الآية وغيرها تدلّ بصراحة على أنّ أفعال العباد، حلالها وحرامها غير خارجة عن إطار الإرادة التّكوينيّة لله تعالى، وإلّا لزم أن يكون الإنسان أو الفواعل الأُخر مستقلّة في الفعل والتّأثير، وهو يستلزم الاستقلال في الذّات، وهو عين الشّرك ونفي التّوحيد في الأفعال.

      ومع ذلك كلّه، فليس العباد في أفعالهم وتصرّفاتهم مجبورين وغير مختارين، لأنّ إرادته سبحانه وإن تعلّقت بأفعالهم لكنّها متعلّقة بها بتوسّط إرادتهم الخاصّة، وفي طول مشيئتهم، وبذلك صحّ أن يُقال: لا جبر ولا تفويض بل أمر بين أمرين.

      وعلى ذلك فالله وإن أراد طهارتهم عن الذنوب بالإرادة التكوينية، ولكن تلك الإرادة تعلّقت بها لمّا علم سبحانه أنّهم بما زُوِّدوا من إمكانات ذاتيّة ومواهب مكتسبة، نتيجة تربيتهم وفق مبادئ الإسلام، لا يريدون إلّا ما شرّع لهم سبحانه من أحكام. فهم لا يشاؤون إلّا ما يشاء الله سبحانه، وعند ذلك صحّ له سبحانه أن يُخبِر بأنّه أراد تكويناً إذهاب الرّجس عنهم، لأنّهم ما داموا لا يريدون لأنفسهم إلّا الجري على وفق الشّرع لا يُفاض عليهم إلّا هذا النّوع من الوصف[34].

      وبعبارة أخرى: لمّا علم سبحانه أنّ هؤلاء لا يفعلون إلّا ما يؤمرون، وليست أفعالهم إلّا مطابقة للتّشريعات الإلهيّة، جاز له سبحانه وتعالى أن ينسب إلى نفسه إرادة إذهاب الرّجس عنهم[35].

      هذا مضافاً إلى أنّ العصمة في حقيقتها ترجع إلى الدّرجة العليا من التّقوى، بمعنى أنّ التّقوى إذا بلغت قمّتها تعصم الإنسان عن اقتراف الذّنب وجميع القبائح. أو أنّ العصمة هي نتيجة العلم القطعيّ بعواقب المعصية علماً يصدّ الإنسان عن اجتراح المعاصي، كالإنسان الواقف أمام الأسلاك الّتي يجري فيها التّيّار الكهربائيّ فإنّه لا يقدم بنفسه على إمساكها. أو هي استشعار عظمة الرّبّ وكماله وجلاله بحيث لا يستبدل هذا الإنسان برضا الله سبحانه شيئا.

      فإذا كانت حقيقة العصمة نفس هذه الحقائق أو قريبة منها، فأين هي من مسالة الجبر وعدم الاختيار؟!

      فالقدرة والتّمكّن من فعل المعصية ثابت للمعصوم، والعصمة مانع شرعيّ، ولا منافاة بين عدم القدرة الشّرعيّة والقدرة الذّتيّة[36].

 

بعض أقوال علماء الجمهور

      نورد هنا بعض أقوال أعلام الجمهور بخصوص آية التطهير المباركة، والتي تؤكد أنّها نزلت في الاربعة (صلوات الله عليهم)، ولا تنطبق على غيرهم ممّن سواهم، وهي:

1- قال أبو بكر الحضرمي في رشفة الصادي : (والذي قال به الجماهير من العلماء، وقطع به أكابر الأئمّة، وقامت به البراهين ، وتظافرت به الأدلّة أنّ أهل البيت المرادين في الآية هم سيّدنا عليّ وفاطمة وابناهما ... وما كان تخصيصهم بذلك منه (صلّى الله عليه وآله وسلّم) إلاّ عن أمر إلهيّ ووحي سماويّ ... والأحاديث في هذا الباب كثيرة، وبما أوردته منها يعلم قطعاً أنّ المراد بأهل البيت في الآية هم عليّ وفاطمة وابناهما رضوان الله عليهم، ولا التفات إلى ما ذكره صاحب روح البيان من أنّ تخصيص الخمسة المذكورين عليهم السلام بكونهم أهل البيت من أقوال الشيعة، لأنّ ذلك محض تهوّر يقتضي بالعجب،وبما سبق من الأحاديث، وما في كتب أهل السنّة السنيّة يسفر الصبح لذي عينين إلى أن يقول: وقد أجمعت الأُمّة على ذلك فلا حاجة لإطالة الاستدلال له )[37].

2- وقال أحمد بن محمّد الشامي: وقد أجمعت أمّهات كتب السنّة وجميع كتب الشيعة على أنّ المراد بأهل البيت في آية التطهير النبيّ (صلى الله عليه وسلم) وعليّ وفاطمة والحسن والحسين؛ لأنّهم الذين فسرّ بهم رسول الله (صلى الله عليه وسلم) المراد بأهل البيت في الآية، وكلّ قول يخالف قول رسول الله (صلى الله عليه وسلم) من بعيد أو قريب مضروبٌ به عرض الحائط، وتفسير الرسول (صلى الله عليه وسلم) أولى من تفسير غيره؛ إذ لا أحد أعرف منه بمراد ربّه[38].

3- وقال الشيخ السندي في كتابه (دراسات اللبيب في الأسوة الحسنة بالحبيب): وهذا التحقيق في تفسير (أهل البيت) يعيّن المراد منهم في آية التطهير؛ مع نصوص كثيرة من الأحاديث الصحاح المنادية على أنّ المراد منهم الخمسة الطاهرة (رضوان الله تعالى عليهم أجمعين)[39].

4- وقال أبو منصور ابن عساكر الشافعي: بعد ذكر قول أُمّ سلمة: «وأهل البيت رسول الله وعليّ وفاطمة والحسن والحسين» هذا حديث صحيح ... والآية نزلت خاصّة في هؤلاء المذكورين[40].

      وبهذه الخاتمة نختم حديثنا عن آل العصمة والطهارة. سائلين المولى سبحانه أن نكون قد وفقنا لذكر بعض مالهم من الحق علينا، راجين القبول وحسن العاقبة، والدوام على نهجهم، ودينهم. ((رَبَّنَا لَا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ))[41].

      والحمد لله أولاً، وآخراً، والصلاة، والسلام على أشرف الخلق أجمعين سيدنا، ونبينا محمد، وعلى أهل بيته الطيبين الطاهرين.

 


[1]- لا يُشكل بأنّها ليست بآية بل هي جزء آية؟ فنقول: هي كذلك لكن باعتبار ما اشتهر على الألسنة.

[2]- من جملة ما دعاني إلى كتابة هذا البحث ولعلّه السبب الرئيسي في ذلك هو رؤيتي لمقطع مصوّر لأحد مشايخ الاتّجاه السلفيّ –وهذا هو الاتّجاه الثّاني من القسم الثّاني– يناقش فيه أحدَ الحاضرين عنده حول مسالة خروج سيّد الشّهداء الإمام الحسين (عليه السلام) على يزيد، وهل كان هذا الخروج شرعيّاً، أو لم يكن كذلك؟ وقد استدلّ هذا الحاضر على شرعيّة هذا الخروج بآية التّطهير، فردّه الشّيخ بأنّ هذا الخروج لم يكن شرعيّاً، لأنّ آية التّطهير لم تكن نازلة في الإمام الحسين (عليه السّلام) وشاملة له، فلم يكن معصوماً، بل هي في نساء النّبيّ (صلى الله عليه وآله) وقد استدلّ الشّيخ المذكور على اختصاصها بالنّساء من خلال السّياق وهذا ما سأذكره إن شاء الله في طيّات البحث.

[3]- قال في معجم الوسيط: المِرْط: كساء من خزّ أو صوف أوكتّان يُؤتزر به وتتلفّع به المرأة.

[4]- فضائل أهل بيت النّبيّ.

-[5] مسند أنس بن مالك.

[6]- المستدرك للحاكم: تفسير سورة الأحزاب.

[7]- تفسير ابن جرير الطبري / تفسير الآية.

[8]- تفسير الدر المنثور للسيوطي / تفسير الآية.

[9]- يمكن مراجعة كتاب (فضائل الخمسة من الصحاح الستة للفيروز آبادي) فإنّ فيه ما يكفي.

[10]- رواها الطبري في تفسيره عند تفسير الآية، وكذا رواها الطبراني في معجمه، وكذا ابن عساكر في كتاب الأربعين في مناقب أمهات المؤمنين.

[11]- تهذيب التهذيب لابن حجر.

-[12] المصدر السابق.

[13]- الجامع لأحكام القرآن للقرطبي / تفسير الآية.

[14]- أضواء البيان في إيضاح القرآن بالقرآن / تفسير الآية.

[15]- فتح القدير للشوكاني.

[16]- تفسير ابن كثير.

[17]- معرفة أهل البيت للسيد راضي الحسيني: 1 /82.

[18]- أهل البيت في آية التطهير: 114.

[19]- معرفة أهل البيت، وقريب منه ما في الكلمة الغراء في تفضيل الزهراء للسيد شرف الدين العاملي (نقلاً عن (آية التطهير للشيخ الآصفي)).

[20]- أصول العقيدة: 265/ آية التطهير: 88-89.

[21]- أصول العقيدة: 265.

[22]- الميزان في تفسير القرآن ج16 في كلامه عن الآية.

[23]- قد نقلنا بعض هذه الأقوال المعارضة لهذا الرأي في الكلام عن وحدة السياق.

[24]- الدر المنثور، تفسير الآية.

[25]- أسباب النزول للواحدي، تفسير الآية.

[26]- تهذيب التهذيب ج7.

[27]- نفس المصدر.

[28]- نفس المصدر.

[29]- سير أعلام النبلاء.

[30]- تهذيب التهذيب.

[31]- ميزان الاعتدال.

[32]- هامش تهذيب الكمال.

[33]- وإن كان مجرّد النّظر إلى الآية الكريمة كافٍ في إثبات ما يُدّعى.

[34]- مفاهيم القرآن للسّبحانيّ.

-[35] محاضرات في الاعتقادات للميلانيّ.

-[36] مفاهيم القرآن للسّبحانيّ.

[37]- الكشف والبيان للثعلبي.

[38]- نفس المصدر.

[39]- نفس المصدر.

[40]- نفس المصدر.

[41]- سورة آل عمران: الآية3.

عن أبي عبد الله عليه السلام قال: طلب العلم فريضة.                                                                                                                                                            الكافي

الفيديو

دور التربويين في تحقيق غاية الدين - شيخ ستار الدلفي
2019 / 03 / 24 4486

دور التربويين في تحقيق غاية الدين - شيخ ستار الدلفي

أخر الأخبار

الصوتيات

2018/3/15

سورة الفرقان

2018/3/15

سورة النور

2018/3/15

سورة المؤمنون

2018/3/15

سورة الحج



الصور